واحتجوا بأن الوصية مطلقة في الآية، فقيدتها السنة بمن له وارث، فبقي من لا وارث له على الإطلاق.
وقد أخرج أحمد، وأبو داود، والنسائي، من حديث أبي زيد الأنصاري: أن رجلا أعتق ستة أعبد عند موته ليس له مال غيرهم، فأقرع بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتق اثنين وأرق أربعة.
وفي لفظ لأبي داود، أنه قال صلى الله عليه وسلم:" لو شهدته قبل أن يدفن لم يدفن في مقابر المسلمين ".
وقد أخرج الحديث مسلم وغيره من حديث عمران بن حصين.
وفي لفظ لأحمد: أنه جاء ورثته من الأعراب، فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما صنع، فقال:" أو فعل ذلك؟ ! لو علمنا - إن شاء الله - ما صلينا عليه ".
اعلم أن الثلث المأذون به لكل أحد هو باعتبار ما يفعله الميت لنفسه من القرب المقربة، التي لم تكن قد وجبت عليه بإيجاب الله - تعالى -، فما كان من هذا القبيل؛ فهو من الثلث المأذون به، وأما ما كان قد تقدم له وجوب على الميت - سواء كان حقا لله - عز وجل - كالزكاة والكفارات التي يعتقد الميت وجوبها والحج، أو حق الآدمي كالديون - فإنه يجب إخراجه من رأس المال قبل كل شيء، ولا وجه للتفصيل الذي ذكروه بين ما يتعلق بالمال ابتداء وما يتعلق به انتهاء؛ فإن ذلك لا تأثير له أصلا.
فالحاصل: أن الميت إذا مات وجب إخراج ما قد وجب عليه من حقوق الله، وحقوق الآدميين من رأس تركته، ثم ينظر فيما بقي، فإن كان الميت قد أوصى بقرب - لم يتقدم لها وجوب عليه؛ بل أراد التقرب بها؛ إخراجها من