للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ههنا، ولكن لا يجب ذلك إلا على الكفاية، فإذا قام به البعض سقط عن الباقين، وقبل أن يقوم به البعض هو فرض عين على كل مكلف، وهكذا يجب على من استنفره الإمام أن ينفر، ويتعين ذلك عليه ولهذا توعد الله - سبحانه - من لم ينفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويدل على عدم وجوب الجهاد على الجميع قوله - عز وجل -: {وما كان المؤمنون لينفروا كافة} ، فتحمل هذه الآية على أنه قد قام بالجهاد من المسلمين من يكفي، وأن الإمام لم يستنفر غير من قد خرج للجهاد.

وبهذا تعرف أن الجمع بين هذه الآيات ممكن، فلا يصار إلى القول بالترجيح أو النسخ.

وأما غزو الكفار، ومناجزة أهل الكفر، وحملهم على الإسلام، أو تسليم الجزية، أو القتل؛ فهو معلوم من الضرورة الدينية؛ ولأجله بعث الله - تعالى - رسله وأنزل كتبه، وما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ بعثه الله - سبحانه إلى أن قبضه إليه جاعلا هذا الأمر من أعظم مقاصده ومن أهم شؤونه.

وأدلة الكتاب والسنة في هذا لا يتسع لها المقام، ولا لبعضها.

وما ورد في موادعتهم أو في تركهم إذا تركوا المقاتلة؛ فذلك منسوخ باتفاق المسلمين بما ورد من إيجاب المقاتلة لهم على كل حال؛ مع ظهور القدرة عليهم، والتمكن من حربهم، وقصدهم إلى ديارهم (١) .

وأما غزو البغاة إلى ديارهم - فإن كان ضررهم يتعدى إلى أحد من أهل


(١) وهي شروط معتبرة قوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>