للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولم يحتج من قال بوجوب المسح إلا بقراءة الجر؛ وهي لا تدل على أن المسح متعين؛ لأن القراءة الأخرى ثابتة بلا خلاف، بل غاية ما تدل عليه هذه القراءة هو التخيير، لو لم يرد عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ما يوجب الاقتصار على الغسل.

أقول: الحق أن الدليل القرآني قد دل على جواز الغسل والمسح؛ لثبوت قراءة النصب والجر ثبوتاً لا ينكر (١) .

وقد تعسف القائلون بالغسل فحملوا الجر على الجوار، وأنه ليس للعطف على مدخول الباء في مسح الرأس، بل هو معطوف على الوجوه، فلما جاور المجرور انجر.

وتعسف القائلون بالمسح، فحملوا قراءة النصب على العطف على محل الجار والمجرور في قوله: {برؤسكم} (٢) ، كما أن قراءة الجر عطف على لفظ المجرور.

وكل ذلك ناشئ عن عدم الإنصاف عند عروض الاختلاف، ولو وجد أحد القائلين بأحد التأويلين اسما مجرورا في رواية ومنصوبا في أخرى مما لا يتعلق به الاختلاف، ووجد قبله منصوبا لفظا ومجرورا: لما شك أن النصب عطف على المنصوب والجر عطف على المجرور، وإذا تقرر هذا؛ كان الدليل القرآني قاضيا بمشروعية كل واحد منهما على انفراده، لا على مشروعية الجمع بينهما؛ وإن قال به قائل - فهو من الضعف بمكان؛ لأن الجمع بين الأمرين لم يثبت في شيء من الشريعة -.


(١) سيرجح المصنف - بعد أن الغسل - فقط - هو الواجب.
وأما كلامه - هنا -: فمتعلق بالدلالة اللغوية.
(٢) هذا هو الصحيح من جهة العربية، وليس فيه تعسف. (ش) .

<<  <  ج: ص:  >  >>