نهى عنه الشارع، وأراد أن يدفع عن نفسه القالة، فاعتل بأنه لم يتعلق بمعرفة ذلك إلا لكونه قد تعلقت به معرفة أوقات الصلوات، وكثيرا ما نسمعه - من المشتغلين بذلك - يُدلي بهذه الحجة الباطلة، فيصدقه من لم يثبت قدمه في علم الشريعة المطهرة.
ومن أعظم المروجات لهذه البلية ما وقع من جماعة من المشتغلين بعلم الفقه من تعداد النجوم وتقدير المنازل، والاستكثار من ذلك بما لا طائل تحته، إلا تأنيس المنجمين، فإنا لله وإنا إليه راجعون!
وحاصل الكلام: أن هذه تكاليف موجهة، كلف الله - تعالى - بها عباده، وعيّن أوقاتها تعييناً يعرفه العالم والجاهل، والقروي والبدوي، والحر والعبد، والذكر والأنثى على حد سواء، اشترك فيه كل هؤلاء، لا يحتاج معه إلى شيء آخر.
(أمع الصبح للنجوم تجل ... أم مع الشمس للظلام بقاء)
قال صاحب " سبل السلام ": التوقيت في الأيام والشهور والسنوات بالحساب للمنازل القمرية بدعة باتفاق الأمة، فلا يمكن عالم من علماء الدنيا أن يدعي أن ذلك كان في عصره -[صلى الله عليه وسلم]-، أو عصر خلفائه الراشدين، وإنما هو بدعة لعلها ظهرت في عصر المأمون، حين أخرج كتب الفلاسفة وعرّبها، ومنها المنطق والنجوم؛ فإنه علم أولئك الذين قال الله - تعالى - فيهم:{فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم} ،