على النبي [صلى الله عليه وسلم] وآله - عليهم السلام -؛ كلها مجزئة إذا وردت من وجه معتبر.
وتخصيص بعضها دون بعض - كما يفعله بعض الفقهاء - قصور باع وتحكم محض، وأما اختيار الأصح منها وإيثاره مع القول بإجزاء غيره: فهو من اختيار الأفضل من المتفاضلات، وهو من صنيع المهرة بعلم الاستدلال والأدلة. انتهى.
وقال في موضع آخر: التشهدات الثابتة عنه [صلى الله عليه وسلم] موجودة في كتب الحديث، فعلى من رام التمسك بما صح عنه [صلى الله عليه وسلم] أن ينظرها في دواوين الإسلام الموضوعة لجمع ما ورد من السنة، ويختار أصحها ويستمر عليها، أو يعمل تارة بهذا وتارة بهذا؛ مثلا يتشهد في بعض الصلوات بتشهد ابن مسعود، وفي بعضها بتشهد ابن عباس، وفي بعضها بتشهد غيرهما، فالكل واسع، والأرجح هو الأصح، لكن كونه الأصح؛ لا ينافي إجزاء الصحيح. انتهى.
قلت: عامة أهل العلم على أن الصلاة على النبي [صلى الله عليه وسلم] مستحبة في التشهد الأخير غير واجبة، وإلى هذا يشير لفظ ابن عمر وعائشة في باب التشهد، وأن التشهد الأول ليس محلا لها.
وذهب الشافعي - وحده - إلى وجوبها في التشهد الأخير، فإن لم يصل لم تصح صلاته (١) ، وإلى استحبابها في التشهد الأول.
(١) هذا هو الحق؛ فإن الله - تعالى - أمرنا بالصلاة على النبي بقوله: {يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} ، وسأله الصحابة عن الصلاة التي أمروا بها عليه؟ فعلمهم صيغة الصلاة المعروفة على اختلاف رواياتها، ففهموا - إذا - من الآية أن الأمر بالصلاة عليه إنما هو عقيب التشهد، وأقرهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على ذلك، وواظبوا عليه، وكان الوحي ينزل بين أظهرهم، وتلقينا ذلك بالتواتر العملي عنهم، فكان سؤالهم وبيانه لهم، ثم مواظبتهم على ما أمروا؛ تفسيرا للأمر الوارد في القرآن وهو من أقوى الأدلة على الوجوب. (ش)