والمبطل لها، والذي أراه طريقا إلى معرفة الفعل الكثير؛ أن ينظر المتكلم في ذلك إلى ما صدر منه [صلى الله عليه وسلم] من الأفعال، مثل حمله لأمامة بنت أبي العاص، وطلوعه ونزوله في المنبر وهو في حال الصلاة، ونحو ذلك مما وقع منه [صلى الله عليه وسلم] ؛ لا لإصلاح الصلاة، فيحكم بأنه غير كثير، وكذلك ما وقع لقصد إصلاح الصلاة؛ مثل خلعه [صلى الله عليه وسلم] للنعل، وإذنه بمقاتلة الحية - وما أشبه ذلك -؛ ينبغي الحكم بأنه غير كثير بالأولى، وما خرج عن الواقع من أفعاله، والمسوغ بأقواله، فهو فعل غير مشروع، ورجع في كونه مفسدا وغير مفسد إلى الدليل، فإن ورد ما يدل على أحد الطرفين كان العمل عليه، وإن لم يرد فالأصل الصحة، والفساد خلاف الأصل، لا يصار إليه إلا لقيام دليل يدل على الفساد، ولكنه إذا صدر من المصلي من الأفعال - التي لمجرد العبث - ما يخرج به عن هيئة من يؤدي هذه العبادة؛ مثل أن يشتغل بعمل من الأعمال التي لا مدخل لها في الصلاة، ولا في إصلاحها؛ نحو حمل الأثقال، والخياطة، والنسخ ونحو ذلك: فهذا غير مصل.
فإذا قال قائل بفساد صلاته؛ فهو من حيث إنه قد فعل ما ينافي الصلاة.
وأما الاستدلال بحديث:" اسكنوا في الصلاة ": فهو - مع كونه لا يفيد إلا الوجوب، والواجب لا يستلزم عدمه فساد ما هو واجب فيه -: مخصص بجميع ما فعله [صلى الله عليه وسلم] ، أو أذن به، أو قرره.
وما خرج عن ذلك؛ ففعله غير جائز، بل يجب تركه فقط؛ فمن تركه كان ممدوحا، ومن فعله كان مذموما.