للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما ما وقع منه [صلى الله عليه وسلم] من الهم بتحريق المتخلفين: فهو وإن لم يكن قولا ولا فعلا ولا تقريرا، لكنه لا يكون ما يهم به إلا جائزا، ولا يجوز التحريق بالنار لمن ترك ما لم يفرض عليه: فالجواب عنه قد بسطه شيخنا العلامة الشوكاني في " شرح المنتقى ".

قال في " الحجة البالغة ": لما كان في شهود الجماعة حرج للضعيف، والسقيم، وذي الحاجة: اقتضت الحكمة أن يرخص في تركها عند ذلك؛ ليتحقق العدل بين الإفراط والتفريط.

فمن أنواع الحرج؛ ليلة ذات برد ومطر، ويستحب عند ذلك قول المؤذن: ألا صلوا في الرحال (١) .

ومنها حاجة يعسر التربص بها كالعشاء إذا حضر؛ فإنه ربما يتشوف إليه، وربما يضيع الطعام.

وكمدافعة الأخبثين؛ فإنه بمعزل عن فائدة الصلاة، مع ما به من اشتغال النفس.

ولا اختلاف بين حديث: " لا صلاة بحضرة الطعام "، وحديث: " لا تؤخر الصلاة لطعام ولا غيره " (٢) ؛ إذ يمكن تنزيل كل واحد على صورة أو معنى، والمراد نفي وجوب الحضور؛ سدا لباب التعمق، وعدم التأخير هو الوظيفة لمن أمن شر التعمق، وذلك كتنزيل فطر الصائم وعدمه على الحالين،


(١) انظر كتابي " أحكام الشتاء في ضوء السنة المطهرة " (٤١ - ٤٤) .
(٢) رواه أبو داود (٣٧٥٨) بسند ضعيف؛ فانظر " المشكاة " (١٠٧١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>