أقول: ظاهر الأحاديث الواردة في الترهيب عن ذلك؛ أنه لا فرق بين كون الكارهين من أهل الفضل أو من غيرهم، فيكون مجرد حصول الكراهة عذرا لمن كان يصلح للإمامة في تركها.
وغالب الكراهات الكائنة بين هذا النوع الإنساني - خصوصا في هذه الأزمنة - راجعة إلى أغراض دنيوية {
والراجع هنا إلى أغراض دينية أقل قليل، ومع كونه كذلك؛ فغالبه صادر عن اعتقادات فاسدة، وخيالات مختلفة، كما يقع بين المتخالفين في المذاهب، فإن العصبية الناشئة بينهم تعمي بصائرهم عن الصواب، فلا يقيم أحدهم للآخر وزنا، ولا ينظر إليه إلا بعين السخط لا بعين الرضا، فيرى محاسنه مساوئ كائنة ما كانت.
وقد تقع هذه العداوة بين أهل مذهب واحد؛ باعتبار الاختلاف في كون أحدهم من المشتغلين بالدين والعلم، والآخر من الجهلة المتهتكين.
وكثيرا ما ترى أرباب المعاصي إذا رأوا أرباب الدين والعلم تضيق بهم الأرض بطولها والعرض، ولا يطيقونهم بغضا (١) .
فإن كان ثَمّ دليل يدل على تخصيص الكراهة بما كان منها راجعاً إلى ما هو مختص بالله - عز وجل -، كمن يكره إنسانا لكونه مكبا على المعاصي، أو متهاونا بما أوجبه الله عليه: فهذه الكراهة هي الكبريت الأحمر} لا توجد حقيقتها إلا عند أفراد من العباد.