والحق أنه لا بد من دليل جديد؛ لأن إيجاب القضاء هو تكليف مستقل غير تكليف الأداء، ومحل الخلاف هو الصلاة المتروكة لغير عذر عمدا.
وأقول: حكمه ما في الأحاديث الصحيحة: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، ويحجوا البيت، ويصوموا رمضان، فمن فعل ذلك؛ فقد عصم دمه وماله إلا بحقه "، ومن لم يفعل فلا عصمة لدمه وماله؛ بل نحن مأمورون بقتاله، كما أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ، والمقاتلة تستلزم القتل، ثم التوبة مقبولة، فتارك الصلاة إن تاب وأناب؛ وجب علينا أن نخلي سبيله:{فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} فمن علمنا أنه ترك صلاة من الصلوات الخمس؛ وجب علينا أن نؤذنه بالتوبة، فإن فعل فذاك، وإن لم يفعل قتلناه؛ حكم الله {ومن أحسن من الله حكما} .
وأما إطلاق اسم الكفر عليه؛ فقد ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة، وتأويلها لم يوجبه الله علينا؛ ولا أذن لنا فيه (١) .
ومن غرائب بعض الفقهاء التردد في إطلاق اسم الفسق عليه، معللا ذلك بأن التفسيق لا يجوز إلا بدليل قطعي! مع أنه يرمي بالكفر من خالفه في أدنى معتقداته التي لم يأذن الله لنا باعتقادها، فضلا عن التكفير بها، والله المستعان.
وأما كيفية القضاء؛ فأقول: لا شك أن تقديم المقضية على المؤداة،
(١) انظر رسالة " حكم تارك الصلاة " (ص ٤٠ - ٤١) لشيخنا الألباني - حفظه الله تعالى -.