للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: إنه لما وجب السعي إليها كانت واجبة بالأولى؛ فيقال: ليس السعي لمجرد الخطبة، بل وإليها وإلى الصلاة، ومعظم ما وجب السعي لأجله هو الصلاة، فلا تتم هذه الأولوية.

وهذا النزاع في نفس الوجوب، وأما في كون الخطبة شرطا للصلاة؛ فعدم وجود دليل يدل عليه لا يخفى على عارف؛ فإن شأن الشرطية أن يؤثر عدمها في عدم المشروط، فهل من دليل يدل على أن عدم الخطبة يؤثر في عدم الصلاة؟ (١)

ثم اعلم أن الخطبة المشروعة هي ما كان يعتاده -[صلى الله عليه وسلم]- من ترغيب الناس وترهيبهم، فهذا في الحقيقة روح الخطبة الذي لأجله شرعت.

وأما اشتراط الحمد لله، أو الصلاة على رسول الله، أو قراءة شيء من القرآن، فجميعه خارج عن معظم المقصود من شرعية الخطبة، واتفاق مثل ذلك في خطبته -[صلى الله عليه وسلم]- لا يدل على أنه مقصود متحتم وشرط لازم.

ولا يشك منصف أن معظم المقصود هو الوعظ، دون ما يقع قبله من الحمد والصلاة عليه -[صلى الله عليه وسلم]-، وقد كان عرف العرب المستمر أن أحدهم إذا أراد أن يقوم مقاماً ويقول مقالا، شرع بالثناء على الله وعلى رسوله.

وما أحسن هذا وأولاه! ولكن ليس هو المقصود؛ بل المقصود ما بعده،


(١) هذه الصلاة وجبت بهذه الصفة التي واظب عليها رسول الله، فمن قصّر بها عما كان عليه العمل؛ فإنه لم يؤد ما وجب عليه، وهو واضح في الشرطية. (ش)

<<  <  ج: ص:  >  >>