للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الظاهر الإجزاء؛ لأنه لا ملازمة بين كونه عاصيا لأمر الإمام، وبين عدم الإجزاء، ومن زعم ذلك طولب بالدليل.

فإن قيل: الدليل ما تقدم من قوله [صلى الله عليه وسلم] : " ... ومن منعها فإنا نأخذها وشطر ماله ": فيقال: الحديث - على ما فيه من المقال - لا يصلح للاستدلال به على هذا؛ لأن المراد أنه منع الزكاة؛ ولم يسلمها إلى الإمام، ولا صرفها في مصارفها، كما هو مدلول المنع الواقع على ضمير الزكاة في الحديث، كما في أحاديث الوعيد لمانع الزكاة، فإن المراد به المانع لها عن الإخراج مطلقاً.

ومما يؤيد ثبوت الولاية لرب المال قوله - تعالى -: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} ؛ ففي هذه الآية أعظم متمسك وأوضح مستند، ومن زعم أنها في صدقة النفل بدليل السياق؛ فلم يصب؛ لأن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما تقرر في الأصول.

نعم؛ تطبيق الأدلة الواردة منه [صلى الله عليه وسلم] على من بعده من الأئمة والسلاطين حتى يكون لهم مثل الذي له في أمر الزكاة؛ يحتاج إلى فضل نظر، ولا يقنع الناظر بمجرد الإجماع السكوتي الواقع من الناس بعد عصره [صلى الله عليه وسلم] .

وأما قتال الصحابة لمانعي الزكاة؛ فلكونهم ارتدوا بذلك، وصمموا على منع إخراجها، وقد أمر [صلى الله عليه وسلم] أمته بقتال الناس حتى يقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، ويفعلوا سائر أركان الإسلام.

وأعظم ما يُستأنس به ما ورد في طاعة السلاطين؛ وإن ظلموا، وأن

<<  <  ج: ص:  >  >>