وقال الخطابي مثل ما نقله صاحب " النهاية " في أول كلامه.
فحصل من جميع هذا أن العشور إما العشر، أو المال المصالح به، أو ما يؤخذ من تجار أهل الذمة إن أخذوا من تجارنا، أو ما يأخذه الملوك من الجبايات والضرائب، أو الخراج كما في بعض روايات الحديث، ومع هذا الاحتمال لا ينتهض للاستدلال به.
والحاصل: أن الأصل في أموال الناس - مسلمهم وكافرهم - التحريم:{ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} ؛ فلا بد من دليل يدل على تحليل المطلوب؛ لأنه خارج عن الأقسام المسوغة؛ إذ ليس بجزية، ولا مال صلح، ولا خراج، ولا معاملة، ولا زكاة؛ لعدم صحتها منهم؛ لأن الكفر مانع.
وأظهر ما يقال في معنى العشور؛ أحد أمرين: إما الخراج؛ لأن بعض ألفاظ الحديث يفسر بعضا، أو الضرائب التي تضرب عليهم - كالجزية ومال الصلح -، فيكون المراد أن المسلمين ليس عليهم الخراج؛ أي: لا يوضع في أموالهم ابتداء، وليس عليهم ضريبة في رقابهم أو أموالهم كاليهود، وحينئذ لم يبق ما يصلح للتمسك به على جواز أخذ نصف عشر أموال تجار أهل الذمة.
ومما يؤيد ما ذكرناه في معنى العشور: ما أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي من حديث ابن عباس، قال: قال رسول الله -[صلى الله عليه وسلم]-: " لا تصلح قبلتان في أرض، وليس على مسلم جزية "(١) ؛ فيمكن أن يكون مفسرا لحديث:" ليس على المسلمين عشور "، ولم يثبت عن النبي