عباس عند أحمد، والنسائي، والترمذي - وصححه -، ومن حديث عائشة عند أحمد، وأبي داود، والدارقطني بإسناد صحيح، وغير ذلك من الأحاديث؛ وفيها التصريح بإكمال العدة ثلاثين يوما؛ في بعضها عدة شعبان، وفي بعضها ما يفيد أنها عدة رمضان، وفي بعضها الإطلاق وعدم التقييد بأحد الشهرين.
قال في " الحجة ": " قوله - صلى الله عليه وسلم -: " شهرا عيد لا ينقصان؛ رمضان وذو الحجة " (١) قيل: لا ينقصان معا، وقيل: لا يتفاوت أجر ثلاثين وتسعة وعشرين، وهذا الآخر أقعد بقواعد التشريع، كأنه أراد سد أن يخطر في قلب أحد ذلك ". انتهى.
أقول: يمكن أن يقال: إن هذا إخبار من الشارع بعدم دخول النقص في الشهرين المذكورين، فما ورد عنه أنه يكون الشهر تسعة وعشرين عام مخصص بالشهرين المذكورين، وما ورد في خصوص شهر رمضان، مما يدل على أنه قد يكون تسعة وعشرين؛ فيمكن أن يقال فيه: إن ذلك إنما هو باعتبار ما ظهر للناس من طلوع الهلال عليهم، وفي نفس الأمر ذلك الشهر هو ثلاثون يوما.
قال بعض المحققين: التكليف الشهري علق معرفة وقته برؤية الهلال دخولا وخروجا، أو إكمال العدة ثلاثين يوما، فهل في الأكوان أوضح من هذا البيان؟ ! والتوقيت في الأيام والشهور بالحساب للمنازل القمرية بدعة باتفاق الأمة. انتهى.
أقول: إن الرؤية التي اعتبرها الشارع في قوله: " صوموا لرؤيته " هي
(١) هذا لفظ الترمذي، ورواه البخاري بلفظ: " شهران لا ينقصان - شهرا عيد -: رمضان، وذو الحجة "؛ انظر " فتح الباري " (جزء ٤ ص ٨٧ - ٨٩) . (ش)