وقد صارت مركزا من المراكز التي يتغالى الناس في أمرها إثباتا ونفيا، ولم يحتج أحد منهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومه.
وأما ما احتجوا به من العمومات الدالة على مشروعية مطلق الصوم واستحبابه: فنحن نقول بموجبها، ونقول: هي مخصصة بأحاديث أمره صلى الله عليه وسلم بالصوم لرؤية الهلال، والإفطار لرؤيته، أو إكمال العدة كما صح في جميع دواوين الإسلام، وبأحاديث نهيه صلى الله عليه وسلم عن تقدم رمضان بيوم أو يومين، وهو في " الصحيح "؛ بل ورد النهي عن صوم النصف الأخير من شعبان.
وقال عمار: من صام يوم الشك؛ فقد عصى أبا القاسم؛ وهو صحيح.
بل قال ابن عبد البر: لا يختلفون في رفعه.
ولعل مراده أن له حكم الرفع، لا أن القائل له هو النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهذا إذا لم يصلح لتخصيص العمومات لم يصلح مخصص قط.
ومن نظر إلى ما يقع من عوام المسلمين - بل ومن بعض خواصهم في هذه الأعصار من التجاري على الصوم والإفطار بمجرد الشكوك والخيالات، التي هي عن الشريعة بمعزل -: قضى العجب، وبكى على الدين، وانتظر القيامة.