بذلك القرآن الكريم: {ومن قتله منكم متعمدا (١) فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام} .
أقول: ههنا أمران: أحدهما: اعتبار المماثلة، الثاني: حكم العدلين.
وظاهره أن العدلين إذا حكما بغير المماثل لم يلزم حكمهما؛ لأنه قال:{يحكم به} ؛ أي: بالمماثل.
وحق العدالة أن لا يقع من صاحبها الحكم بغير المماثل؛ إلا لغلط أو طرو شبهة؛ بأن المعتبر في المماثلة هو هذا الوصف دون هذا الوصف؛ والواقع بخلافه.
ثم الظاهر أن العدلين إذا حكما بحكم في السلف؛ لا يكون ذلك الحكم لازما للخلف، بل تحكيم العدلين ثابت عند كل حادثة تحدث في قتل الصيد.
إذا تقرر لك هذا: فاعلم أن جعل الظبي مشبها بالشاة دون التيس؛ مخالف للمشاهد المحسوس؛ فإن الظبي يشبه التيس في غالب ذاته وصفاته، ولا مشابهة بينه وبين الشاة في غالب ذاته وصفاته، وكذلك الحمامة؛ فإنها لا تشبه الشاة في شيء من الأوصاف، وكذلك سائر الطيور ليس بمشابه للشاة في شيء.
(١) • قال أبو عمر: فدخل فيه قتل الخطأ؛ قياسا عند الجمهور إلا من شذ؛ كذا في " إعلام الموقعين " (١ / ٢٤٧) . (ن)