وهذا حال كل صحابي من عهد الصديق إلى ثلاث سنين من خلافة عمر، وهم يزيدون على الألف قطعا؛ كما ذكر يونس بن بكير عن أبي إسحاق.
فكل صحابي كان على أن الثلاث واحدة بفتوى، أو إقرار، أو سكوت.
ولقد ادعى بعض أهل العلم أن هذا إجماع قديم، ولم تجمع الأمة ولله الحمد على خلافه؛ بل لم يزل فيهم من يفتي به قرنا بعد قرن وإلى يومنا هذا.
فأفتى به حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس؛ كما رواه حماد ابن زيد، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس: إذا قال: أنت طالق ثلاثا بفم واحد؛ فهي واحدة.
وأفتى بأنها واحدة: الزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف؛ حكاه عنهما ابن وضاح.
وأما التابعون؛ فأفتى به عكرمة، وطاوس.
وأما تابعو التابعين؛ فأفتى به محمد بن إسحاق، وخلاس بن عمرو، والحارث العكلي.
وأما أتباع تابعي التابعين؛ فأفتى به داود بن علي، وأكثر أصحابه، وأفتى به بعض أصحاب مالك، وأفتى به بعض الحنفية، وأفتى به بعض أصحاب أحمد.
والمقصود: أن هذا القول قد دل عليه الكتاب، والسنة، والقياس، والإجماع القديم، ولم يأت بعده إجماع يبطله، ولكن رأى أمير المؤمنين عمر - رضي الله تعالى عنه - أن الناس استهانوا بأمر الطلاق، وكثر منهم إيقاعه