للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنعم على من يتقى ويعمل صالحا وقد تلونا من قبل قوله تعالى وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ «١» وذكرنا أن الرجز والعذاب قد يكون بسبب فساد ارتكبه بعض الأقوام، كما أنزل الله تعالى من الرجز على فرعون وملئه، بما كانوا يفسدون فى الأرض.

فالذين يدعون أن هذه الأخبار غير مقبولة فى العقل، إنما ينظرون إلى الأسباب والمسببات العادية التى تجرى فى أعمال بنى الإنسان، ولو علوا بأنظارهم إلى ما فى الكون من كسوف وخسوف وما فى الرياح من مثيرات، وما فى الأرض من زلزال وخسوف ما وجدوا لذلك تعليلا إلا أن تكون إرادة الحكيم العليم القاهر فوق كل شيء الذى لا يسأل عما يفعل، وأنه يفعل ما يفعل لحكم يريدها، ومصالح يقدرها، وقد ربطها بأمور يعلمها، وهو علام الغيوب، وتقديره هو تقدير العليم الخبير.

وإذا كان الله تعالى قد أراد الكرامة لمحمد صلّى الله عليه وسلّم وأراد أن يعلم من يطيفون به من أهل وقوم ما كرمه الله تعالى به، وهو سينادى بالحق، فإن ذلك هو المعقول، وغيره هو المردود، لأنه مخالف لما قدره الله تعالى لهذا الإنسان الذى سيعلم الإنسانية كلها.

٨٤- ولا يصح لعاقل أن يقول أن هذه أوهام سيطرت، وخيالات خيلت، وظنون ظنت، لمجرد أنها خالفت مجارى العادات، وما ألف الناس فى كل مولود، فليس ككل مولود.

ومع ذلك فنحن نرجح صدقها، ولا نلزم الناس بالإيمان بها، فليس من الإيمان أن نؤمن بأن إيوان كسرى ارتجف، ولا النار خمدت، ولا أن الوجود قد استنار عند ما شرف هذا الوجود، لأن هذه الأمور ليست جزا مما دعا النبى صلّى الله عليه وسلّم إلى الإيمان به، إذ أن ما يجب الإيمان به هو ما دعا إليه، وما تكلم به عن الله سبحانه وتعالى، وما نطق به القران الكريم، وحكم به الديان.

ولو رجعنا إلى ما كتبته الأناجيل الحاضرة فى مولد عيسى عليه السلام وما ألزمت الأناجيل به النصارى الذين يؤمنون بهذه الأناجيل التى يزعمون صدقها- لوجدنا أن ما تذكره السيرة النبوية لا يعد شيئا كثيرا بالنسبة لما ذكرته الأناجيل وأوجبت الإيمان به، ولنقبض قبضة يسيرة مما جاء فى هذه الأناجيل وما زعمته بالنسبة لولادة المسيح عليه السلام:

(أ) جاء فى إنجيل متى فى الإصحاح الثانى أنه لما ولد يسوع المسيح ظهر نجمه فى المشرق، وبواسطة ظهور نجمه عرف الناس محل ولادته.


(١) سورة الأعراف: ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>