ديته شيء قط، وبذلك يكون المطلوب ديتان وسدس دية، هذا معنى قول على فى قضائه، فقد قال:
«اجمعوا من قبائل الذين حفروا البئر، ربع الدية، وثلث الدية، ونصف الدية، والدية كاملة» .
فللأول الربع، لأنه هلك، والثانى ثلث الدية والثالث نصف الدية، والرابع الدية، هذا قضاء على، وقد طلبت هذه الديات ممن حفروا البئر، لأنهم المتسببون ابتداء والتسبب الآخر نسبى، فى دائرة التسبب الأصلى.
ولا نعلم فى هذه القضية المعقودة المتشابكة التى ترابطت فيها الأسباب، وتشابكت أعدل من هذا وإذا كان ثمة بعض الانفكاك فى المقدمات أو بتوهم ذلك، فإن قضاء على فى هذا هو أحكم القضاء.
ولكن أولياء المقتولين، لم يرتضوا ذلك، وكان كل ولى يريد دية كاملة لمقتوله.
وذهبوا إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وهو فى حجة الوداع، وهو عند مقام إبراهيم، فقصوا عليه القصة، فقال أنا أحكم بينكم، فقال رجل من القوم. يا رسول الله، إن عليا قضى علينا، وقصوا على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قضاء على، فأجازه رسول الله عليه الصلاة والسلام.
وبعد، فهذا على كرم الله وجهه فى اليمن، كان الداعية المستجاب فى دعوته للإسلام، فامنوا لفرط تقواه، وإشراق نور الإيمان فى قلبه، فما يخرج من القلب يصل إلى القلوب وإخلاص الداعى هو الجاذبية التى تحوط المدعو.
فتهديه إلى الإيمان إن لم تعتكر القلوب. وتفسد الضمائر. وهذا على الحاكم الحازم لم تأخذه فى الحق هوادة، وليس لباطل عنده إرادة وإن شكا الناس منه غلظة فلفساد قلوب تستغلط الحق، وتستطيب الباطل، وقد أنصفه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم منهم- ونعم المنصف العادل.
وهذا على فى قضائه العدل الحكيم، والله ولى المؤمنين.