مشرك، فلما آلت إمرة الحج إلى الإسلام، منع الله المشركين من أن يدخلوا المسجد الحرام فى السنة التاسعة، ونزل قوله تعالى فى سورة براءة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا، إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ، فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا، وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، إِنْ شاءَ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ التوبة.
يقول ابن إسحاق إنه بعد تبوك التى انتهت فى رمضان قضى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بقية رمضان وشوالا وذا القعدة ثم بعث أبا بكر أميرا على الحج سنة تسع، ليقيم للمسلمين حجهم، والناس من أهل الشرك على منازلهم من حجهم، لم يصدوا بعد عن البيت ومنهم من له عهد مؤقت إلى أمد.
كان هناك إذن عهدان: عهد جاهلى، وهو عام فيه إذن بألا يصدوا عن البيت، وقد كان هذا على العادة الجارية، وقد توثق بعد الحديبية، وعهد خاص قد عقده النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وهذا يبقى إلى أمده.
وإن العهد الذى جرى على مجرى العادة الجاهلية، قد انتهى بأن صار للإسلام الكلمة العليا، وصار التوحيد هو الحاكم، وجاءت ملة إبراهيم الصحيحة فى الإسلام بعد أن انحرف العرب، وعبدوا الأوثان فلم يكن منع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بحكم القرآن الكريم، نقضا للعهد، ولكنه تصحيح للوضع.
أما عهد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فهو قائم على أسسه حتى ينتهى أمره.
وإن أبا بكر ما أن فصل بركبه، حتى لحق به على بن أبى طالب يحمل سورة براءة، وكانت قد نزلت بأنه لا عهد للمشركين عبدة الأوثان فى أن يحجوا البيت الحرام بعد عامهم هذا.
قال ابن إسحاق: لما نزلت سورة براءة على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وكان قد بعث أبا بكر ليقيم للناس الحج، قيل له: يا رسول الله: لو بعثت بها إلى أبى بكر، فقال عليه الصلاة والسلام:«لا يؤدى عنى إلا رجل من أهل بيتى» ثم دعا على بن أبى طالب، فقال له اخرج بهذه (آيات من صدر براءة) ، وأذن فى الناس بالحج يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى، أنه لا يدخل الجنة كافر ولا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عهد فهو إلى مدته، فخرج على بن أبى طالب على ناقة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم البيضاء فلما رآه أبو بكر قال: أمير أو مأمور؟ فقال على: بل مأمور ثم مضيا فأقام أبو بكر للناس الحج إذ ذاك فى