تلك السنة على منازلهم من الحج التى كانوا عليها فى الجاهلية إذا كان يوم النحر قام على بن أبى طالب فأذن فى الناس بالذى أمره به رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وأجل أربعة أشهر من يوم أذن فيهم، ليرجع كل قوم إلى مأمنهم، وبلادهم، ثم لا عهد لمشرك ولا ذمة إلا عهد كان له عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فهو إلى مدته، فلم يحج بعد ذلك العام مشرك ولم يطف بالبيت عريان.
وروى الإمام أحمد أن على بن أبى طالب قال: بعثت يوم بعثنى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مع أبى بكر فى الحجة بأربعة: لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عهد، فهو إلى مدته. ولا يحج المشركون بعد عامهم هذا.
وهذا الكلام يستفاد منه إبطال العادات الجاهلية فى الحج كطواف غير قريش عرايا، وقريش تمتاز بأن يطوف حجاجها لابسين.
ولقد قسم الحافظ ابن كثير الحجيج من المشركين إلى قسمين من لهم عهد، فإنه يلتزم بعهده إلى نهاية مدته، ومن ليس له عهد يؤجل إلى أربعة أشهر.
وهذا التأجيل وإلغاء العهد ثبت بقوله تعالى فى أول سورة براءة.
وإن هذا النص الكريم فيه الوفاء بالعهد للذين أوفوا بعهودهم، وأن من يكونون غير معاهدين ينتظرون أربعة أشهر، حتى يصلوا إلى مأمنهم فى بلادهم.
وليس معنى الوفاء لذوى العهد الذين عاهدوا النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يمكنوا من دخول البيت الحرام وهم باقون على شركهم، فإن الآية الكريمة صريحة فى المنع، إذ قد تلونا قوله تعالى: