للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن التأجيل أربعة أشهر، إنما هو خاص بقتالهم وقتلهم، فأعطوا مهلة أربعة أشهر ليصلوا إلى مأمنهم ولا يؤخذوا على غرة وقد جاؤا حاجين طائفين فى زعمهم.

٦٩٦- ونقف هنا وقفة قصيرة فى اختصاص أبى بكر وعلى فى هذه الحجة المباركة.

لقد اختص النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أبا بكر بأن تكون له إمرة الحج، ولما لاقاه على قال أبو بكر أمير أم مأمور، فقال له بل مأمور، هذا ما اختص به أبا بكر، وإن ذلك بلا ريب تشريف لأبى بكر، وإكبار لإمرة الحج فى ذاتها، واختص عليا بأن يكون المبلغ لنزول سورة براءة وفى أكثر الروايات ان النبى صلى الله عليه وسلم قال فى اختصاص على بتبليغ نزول سورة براءة «لا يؤدى عنى إلا رجل من أهل بيتى» إذ ذلك بلا ريب اختصاص فيه تكريم وثقة كاملة من النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.

وقد أخذ الشيعة الإمامية وغيرهم ممن يجعلون عليا أولى بالخلافة من الشيخين أبى بكر وعمر رضى الله تعالى عنهما، قد أخذوا من هذا أن عليا أفضل أو أولى بالخلافة عنه عليه الصلاة والسلام منهما، لأن الخلافة خلافة عن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم يقوم بما كان يقوم به الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم فى أمر أمته ورياستها والقيام بحق التبليغ، الذى هو أخص أوصاف الإمامة الكبرى، ويؤيد هذا قوله عليه الصلاة والسلام: «لا يؤدى عنى إلا رجل من أهل بيتى» فكون الخلافة لعلى كرم الله وجهه فى الجنة لأن الخلافة أداء لبعض أحكام النبوة أو لكلها وإن كان لا نبى بعد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.

استدلوا بهذا وبقول النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عندما تركه فى المدينة المنورة ليقوم على أهله:

«أنت منى بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبى بعدى» .

فأخذوا من هذا الحديث أن لعلى عند النبى صلى الله تعالى عليه وسلم منزلة فوق منزلة غيره من الصحابة الأكرمين، فإذا كان أبو بكر رضى الله تعالى عنه، وعمر الفاروق لهما فضل الصداقة فعلى بالنص له فضل الأخوة، والمشاركة بيد أنه ليس بنبى، ولا يوحى إليه، وإن هذا يجعل عليا فى مكانة أعلى منهما. وبنوا على ذلك أنه وصيه كما بنى الزيدية على هذا أنه أفضل من أبى بكر وعمر وإن لم يكن وصيا.

واستدلوا ثالثا- بقول النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى غدير خم عند رجعته من حجة الوداع «من كنت مولاه فعلى مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» وإن هذا يدل على أن الولاء لعلى ولاء للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ومعاداته معاداة للنبى صلى الله عليه وسلم ولم يكن ذلك لأحد من الصحابة غيره، وهو بذلك أولى بالخلافة من غيره، وهو أفضل من الشيخين وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>