للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاتصال بحبلكم، وشرفكم، فاشهدوا يا معشر قريش بأنى قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله- صلى الله تعالى عليه وسلم-

ولكن أبا طالب أراد أن يتكلم عمها بالقبول، لأنه أقرب إليها من ورقة فقال: قد أحببت أن يشركك عمها» فقال عمها: «اشهدوا يا معاشر قريش أنى قد أنكحت محمد بن عبد الله- صلى الله تعالى عليه وسلم- خديجة بنت خويلد، وشهد على ذلك صناديد قريش» ، ومن هذا كله يتبين أن الذى تولى تزويجها عمها عمرو بن أسد، وشركه ابن عمه ورقة بن نوفل «١» .

والمشهور بين العلماء وأصحاب السير والتاريخ أن سنه عليه الصلاة والسلام فى وقت الزواج كانت خمسا وعشرين سنة، وكانت هى فى الأربعين من عمرها.

ولقد كانت أقوال أخرى فى سنهما عند الزواج، ولم يبلغ واحد منها مرتبة الشهرة، فقيل أن سنه عليه الصلاة والسلام كانت الحادية والعشرين، وقيل كانت التاسعة والعشرين، وقيل كانت الثلاثين، وقال ابن جريج كانت السابعة والثلاثين.

وهذه أقوال ليس لها سند، والمشهور هو المعتمد، حتى يقوم الدليل على خلافه، وذلك فوق أن بعضها لا يتلاقى مع النسق التاريخى، ذلك أن المتفق عليه أن الزواج لم يكن فور حرب الفجار، بل كان بعده بمدة، ولو كان فى الحادية والعشرين، لكان فوره، والتقدير بالسابعة والثلاثين بعيد التصديق لأن مؤاده أن محمدا عليه الصلاة والسلام عاش راهبا إلى أن بلغ السابعة والثلاثين، وأن بناته غير فاطمة تزوجن قبل الهجرة، وبعضهن تزوجت وطلقت ثم تزوجت، ولو كان زواجه فى السابعة والثلاثين


(١) ننبه هنا إلى أمرين- أولهما- أننا اعتمدنا فى تقدير المهر على ما جاء فى خطبة أبى طالب، وجاء فى بعض كتب السيرة أنه أمهرها عشرين بكرا، أى أنه ذكر أن المهر كان بالنوق، وقد جمعوا بين التقديرين بأن الثانى كان قد زاده النبى عليه الصلاة والسلام، لأن الكرام يزيدون على ما هو مفروض. وقد يقال أن المذكور من الذهب هو تقدير للقيمة. الأمر الثانى- أن المشهور المعروف أن الذى زوجها هو عمها عمرو وهو المشهور. وقيل أخوها عمرو بن خويلد، والأول هو الذى عليه المعول، ولا التفات لغيره. وما ذكره ابن إسحاق من أن الذى زوجها أبوها خويلد غير صحيح، لأن خويلد قد مات قبل حرب الفجار، وذلك ثابت مشهور، ولأن الخبر الذى يقول أن الذى زوجها هو أبوها تضمن ما يدل على كذبه. فقد قال رواته أن أباها كان سكران من الخمر. وكلمه وهو سكران فألقت عليه حلة وضمخته بالطيب، فلما استفاق، قال: ما هذه الحلة والطيب، فقالت: قد أنكحت منى محمدا، فأنكر، ثم لما رأى محمدا- صلى الله تعالى عليه وسلم- وافق. وإن احتمال أن يعقد رجل من أشراف العرب عقد زواج وهو سكران يستنكره العرف والعقل، ولا يمكن أن يقدم عليه أبو طالب، وهو كبير ومسن، ووكيل للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى الزواج.

<<  <  ج: ص:  >  >>