للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقالت «يا ابن عم إنى قد رغبت فيك لقرابتك وسطتك «١» فى قومك، وأمانتك، وحسن خلقك، وصدق حديثك» وعند هذا العرض الكريم أعلن القبول، وإن لم يكن ذلك القبول فى عقد، بل هو خطبة.

والسيدة الكريمة الحازمة لم تترك الأمر بينها وبينه، بل لابد من تلاقى الأسرتين بعد، وتلاقى الإرادتين، وتوافق الرغبتين، لأن الزواج اتصال أسرتين لا مجرد اتصال فردين.

ولذا قالت لمحمد عليه الصلاة والسلام: اذهب إلى عمك، فقل له عجل إلينا بالغداة.

جاء إليها أبو طالب، فقالت له: يا أبا طالب اذهب إلى عمى، فقل له: يزوجنى من ابن أخيك.

فوافق أبو طالب على أصل الزواج، وعلى أن يقوم من جانبه، وقال: «هذا صنع الله» .

١١٦- تمت الخطبة، وتراضت الأسرة، وكان يوم الزواج، وكان الصداق اثنتى عشرة أوقية من ذهب ونصف أوقية.

اجتمع رؤساء مضر، وكبراء مكة وأشرافها لإتمام العقد، وكان وكيل الزوج عمها، وأبو طالب كان المتكلم باسم محمد عليه الصلاة والسلام، وقف أبو طالب خطيبا، وقال:

الحمد لله الذى جعلنا من ذرية إبراهيم، وزرع إسماعيل، وضئضيء معد «٢» وعنصر مضر، وجعلنا حضنة بيته، وسواس حرمه، وجعل لنا بيتا محجوجا، وحرما امنا، وجعلنا الحكام على الناس، ثم إن ابن أخى هذا محمد بن عبد الله- صلى الله عليه وسلم- لا يوزن برجل إلا رجح به، وإن كان فى المال قلا فإن المال ظل زائل، وأمر حائل، ومحمد صلى الله تعالى عليه وسلم- من قد عرفتم قرابته، وقد خطب خديجة بنت خويلد، وقد بذل لها من الصداق ما اجله وعاجله اثنتا عشرة أوقية ذهبا ونشا «٣» ، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم، وخطر جليل.

وقد وقف بعد ذلك ورقة بن نوفل «٤» ، ويظهر أنه كان له ما يسوغ أن يعقد من قبلها وخطب قائلا فقال:

الحمد لله الذى جعلنا كما ذكرت، وفضلنا على ما عددت، فنحن سادة العرب وقادتها، وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم، ولا يرد أحد من الناس فخركم ولا شرفكم، وقد رغبنا فى


(١) أى توسطك وكونك من أوسط قومك أى أعلاهم نسبا.
(٢) ضئضئ معناها أصل.
(٣) أى نصف أوقية.
(٤) كان ابن عمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>