للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- وطلبوا منه أن يجعل أرضهم القاحلة جنات، وفيها كنوز، وفيها قصور من ذهب وفضة، واتهموه كذبا بأنه يعلمه رجل من اليمامة.

٤- وطلبوا أن يسقط عليهم من السماء كسفا.

٥- وطلبوا منه أن يحضر سلما يرقى فيه إلى السماء، وأن ينزل ومعه كتاب فى قرطاس.

طلبوا ذلك لا ليؤمنوا ولكن ليحرجوه عليه الصلاة والسلام، ولو كانوا طلاب إيمان ما طلبوا أن ينزل عليهم كسفا من السماء، لأن ذلك يبيدهم، ولا إيمان بعد هذا الإنزال.

ولقد كان صادقا عبد الله بن أبى أمية بن المغيرة بن عمته عاتكة بعد أن طلب ما طلب أنه لم يعد بالإيمان إن جاء بما طلب، بل ختم القول بأنه لا يظن أنه سيصدق إن جاء.

وإن النبى عليه الصلاة والسلام لم يطلب إلى الله تعالى أن يجيبهم فيما طلبوا، بل رد طلبهم لأنه سبحانه وتعالى يعلم أنهم إن أجيبوا ولم يؤمنوا، فالهلاك كما هلكت عاد وثمود، والنبى صلى الله عليه وسلم يعلم أن شريعته باقية خالدة، وأن لها معجزة خالدة باقية بخلودها، فلا تناسبها معجزة تحدث ثم تنتهى.

وقد حدثوا أنهم لما سألوا النبى عليه الصلاة والسلام تلك الأسئلة وطلبوا تلك المطالب أوحى إليه «إن شئت أن تستأنى بهم وإن شئت أن تؤتيهم الذى سألوا، فإن كذبوا هلكوا كما أهلكت من قبلهم» فقال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم: «بل أستأنى بهم» .

ولقد روى أنهم قالوا للنبى عليه الصلاة والسلام، ادع ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبا ونؤمن لك، قال عليه الصلاة والسلام: وتفعلون ذلك، قالوا: نعم، فدعا، فأتى جبريل فقال: «إن ربك يقرأ عليك السلام، ويقول لك إن شئت أصبح الصفا لهم ذهبا، فمن كفر منهم بعد ذلك أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين، وإن شئت فتحت لهم باب الرحمة والتوبة، قال الرؤف الرحيم صلوات الله وسلامه عليه: بل التوبةو الرحمة» .

وإن مطالبهم والرد عليها قد سجلها القران الكريم فقد قال الله تعالى وهو أصدق القائلين:

وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً. أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ، فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً. أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً، أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا. أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ، أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ، وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ، قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا «١» .


(١) سورة الإسراء: ٩- ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>