وروى الإمام أحمد عن جبير بن مطعم قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله تعالي عليه وسلم، فصار فرقتين، فرقة على هذا الجبل، وفرقة على هذا الجبل، فقالوا: سحرنا محمد، وقالوا إن كان سحرنا، فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم.
وروى البخارى عن ابن عباس، قال إن القمر انشق فى زمان النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وقد قال البخارى قد مضى ذلك كان قبل الهجرة انشق القمر، حتى رأوا شقيه.
ويقول ابن عباس فيما روى عنه أبو نعيم بسنده:«اجتمع المشركون إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم منهم الوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام، والعاص بن وائل، والعاص بن هشام ...
ونظراؤهم فقالوا للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم: إن كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين، نصفا على أبى قبيس، ونصفا على قيقعان، فقال لهم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم تؤمنون؟ قالوا نعم، فسأل الله عز وجل أن يعطيه ما سألوا، وكانت ليلة بدر، فأمسى القمر قد شق نصفا على أبى قبيس، ونصفا على قيقعان» .
وهكذا تضافرت الروايات، وهذا بعضها يدل على أن القمر شق، وكان شقين، وكان القمر بدرا، وعينت بعض الروايات أنه كان فى الليلة الرابعة عشرة، وليس لأحد أن يشك في هذه الروايات التى يسند بعضها بعضا، حتى ادعى ابن كثير أن أخبار انشقاق القمر فى عصر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بلغت حد التواتر، وأنه لم يعد ثمة مساغ لمستريب، ولا مجال للتكذيب، وخصوصا أن الأصل ثابت بظاهر القران الكريم الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولكن الذين ينكرون يستغربون ثم يؤولون، إن كان للإيمان بالقران بقية فى قلوبهم.
٢٩٥- إن الذين يستغربون، ثم ينكرون، ويؤولون إن كانوا مسلمين يردون أن ذلك لو حصل وهو أمر كونى لكان مرئيا فى كل بقاع العالم. ولم يختص العرب برؤيته، بل تعم ولا تخص، وقد ردد ذلك النصارى من كتاب المشرقيات ونقله عنهم الذين يتعرفون أمور الإسلام من هؤلاء.
ونقول لعلماء الغرب الذين يشككون فى القران الكريم: لقد صدقتم ما هو أشد من ذلك غرابة، فإن الأناجيل التى يصدقونها، ويؤمنون بكل ما فيها يقولون فى ميلاد المسيح عليه السلام أنه علم ميلاده عند المجوس بنجم أعلمهم، وأنهم جاؤا من بلادهم، والنجم يسير أمامهم، حتى علموا مكانه عن طريق النجوم، فهل كان الناس كلهم قد رأوا ذلك، كما تطالبون المسلمين بأن يثبتوا أن الناس جميعا قد رأوا انشقاق القمر، وإلا فهم فى حل من أن يكذبوا القران الكريم: كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ، إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً «١» .