للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال مفروق: وإلام أيضا يا أخا قريش.

فتلا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قول الله تعالى: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً، وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ، وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ، وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ، لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ، وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ، لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها، وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا، وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى، وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا، ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ، ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ «١» .

فقال مفروق، وإلام تدعو أيضا يا أخا قريش؟ فو الله ما هذا من كلام أهل الأرض، ولو كان كلامهم لعرفناه.

فتلا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قول الله تعالي: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى، وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ «٢» .

فقال مفروق: دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، ولقد أساء قوم كذبوك، وظاهروا عليك.

وكأنه أحب أن يشركه فى الكلام هانيء بن قبيصة، فقال: وهذا هانيء بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا.

فقال هانيء: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش، وصدقت قولك. وإنى أرى إن تركنا ديننا، واتبعناك على دينك لمجلس جلسته إلينا.. لم نتفكر فى أمرك، وننظر فى عاقبة ما تدعو إليه- زلة فى الرأى، وطيشة فى العقل، وقلة نظر فى العاقبة، وإنما تكون الذلة فى العجلة، وإن من ورائنا قوما نكره أن نعقد عليهم عقدا، ولكن نرجع وترجع، وننظر وتنظر.

وكأنه أحب أن يشركه فى الكلام المثنى بن حارثة، فقال: وهذا المثنى شيخنا وصاحب حربنا.

فقال المثنى: قد سمعت مقالتك، واستحسنت قولك يا أخا قريش، وأعجبنى ما تكلمات به، والجواب هو جواب هانيء بن قبيصة. وتركنا ديننا واتباعنا إياك لمجلس جلسته إلينا، وإنا إنما نزلنا بين حيزين:

أحدهما اليمامة، والاخر السماوة.


(١) سورة الأنعام: ١٥١- ١٥٣.
(٢) سورة النحل: ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>