للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم مهاجرين من بطون مختلفة، ووجد أنصارا آووا ونصروا، ولكن الدماء لم تكن قد جفت بينهم فجاء إلى ذلك الجمع الذى كان متنافرا، ليؤلف بين قلوبهم، والأمم إنما تتكون بتأليف القلوب المتنافرة، وجمعها على الحق، وأشد ما يجمع توثيقا- الإيمان بالله والخضوع لأحكامه، فى ظل أطهر من في الوجود وهو محمد صلى الله تعالى عليه وسلم.

قال السهيلى في كتابه الروض الأنف: «آخى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بين أصحابه حين نزلوا بالمدينة المنورة، ليذهب عنهم وحشة الغربة، ويؤنسهم من مفارقة الأهل والعشيرة ويشد أزر بعضهم ببعض» .

وعندى أن ذلك أحد أغراض المؤاخاة، ولكن المؤاخاة أولا وبالذات تتجه إلى تكوين وحدة الجماعة المؤمنة، ولذلك كانت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار أولا، وكانت بين المهاجرين بعضهم مع بعض ثانيا، وبين الأنصار بعضهم مع بعض ثالثا، أوسهم مع خزرجهم، ليقضى الرسول عليه الصلاة والسلام على الثغرة السابقة بالألفة التى تجمع القلوب، وتزيل نفارها.

فالمؤاخاة كانت لتكون الأخوة هى العلاقة بين النسيب الشريف والمولى الضعيف، لذلك كانت المؤاخاة جاعلة: حمزة بن عبد المطلب أخا لزيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.

فالمؤاخاة كانت لتكون الجماعة كما ذكرنا، ولوضع مبدأ المساواة عمليا، ولنترك الكلمة لابن إسحاق يشرح ما كان فيه.

يقول ابن إسحاق في سيرته بسنده: «آخى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بين أصحابه من المهاجرين والأنصار، فقال فيما بلغنا، ونعوذ بالله تعالى أن نقول عليه ما لم يقل. «تاخوا في الله أخوين أخوين» ثم أخذ بيد على بن أبى طالب، فقال: هذا أخى، فكان رسول الله سيد المرسلين، وإمام المتقين، ورسول رب العالمين، الذى ليس له خطير ولا نظير من العباد، وعلى بن أبى طالب رضى الله تعالى عنه أخوين، وكان حمزة بن عبد المطلب أسد الله تعالى، وأسد رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم، وزيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أخوين، وإليه أوصى حمزة يوم أحد حين حضروا القتال إذا حدث به حادث الموت، وجعفر بن أبى طالب ذو الجناحين، الطيار في الجنة ومعاذ بن جبل أخو بنى سلمة أخوين (وكان جعفر بن أبى طالب يومئذ غائبا بأرض الحبشة) .

وكان أبو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه، وخارجة بن زهير.. أخوين.

<<  <  ج: ص:  >  >>