ويلاحظ هنا أن الله سبحانه وتعالى أشار إلى سبب التحريم وهو الكفر، إذ قال الله سبحانه وتعالى:
فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ولم يقل إلى المشركين، والكفر يشمل الشرك وما عليه النصارى واليهود الذين كفروا بمحمد عليه الصلاة والسلام، وآمنوا بالتثليث، وألوهية المسيح، كما قال الله سبحانه وتعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وقال الله سبحانه وتعالى:
وهكذا منّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على أناس كان يرى خيرا في المن عليهم، أو يرى فيهم عجزا عن أن يقدموا فداء.
فمنّ على المطلب بن حنطب بن الحارث من بنى مخزوم، ومنّ على صيفى بن أبى رفاعة ابن عائذ من بنى مخزوم، وممن منّ عليه أبو عزة عمرو بن عبد الله بن عثمان، وكان محتاجا ذا عيال فمن عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأخذ عليه عهدا ألا يظاهر عليه أحدا، وكان شاعرا، ولكنه نقض ما عاهد عليه الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، ولعب المشركون بعقله، فرجع إليهم بعد أن قرب من الإسلام أو دخل فيه، فقد قال مادحا النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، إذ من عليه من غير فداء في قصيدة:
من مبلغ عنى الرسول محمدا ... فإنك حق والمليك حميد
فلما كان يوم أحد أسر أيضا، فطلب أن يمن عليه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال له النبى صلى الله تعالى عليه وسلم:«لا أدعك تمسح عارضيك، وتقول خدعت محمدا مرتين» ويروى أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قال فيه «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين» .
وهكذا فوض النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يتصرف في الأسرى بما يكون خيرا في ذاته وللمؤمنين، فقتل من قتل منهم، وفدى كثيرين، ومنّ على بعضهم.