والقتال إن تعين القتال عليهن، كتلك التى كانت تناضل مع المناضلين عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقد أحاط به المشركون يحاولون قتله، فردهم الله تعالى بغيظهم لم ينالوا منه عليه الصلاة والسلام شيئا.
ولذلك أجاز الفقهاء خروج المرأة مع الجيش مداوية ومقاتلة، وقال بعضهم: لا يحل لها ركوب الخيل إلا أن تكون محاربة.
(ب) ومنها أنه إذا أخذت الأهبة للجهاد لا يجوز أن يترددوا، فإن التردد يلقى بالخذلان في النفوس، والاختلاف والتدابر، ولذلك لما لبس النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لأمة الحرب، وغير المجاهدون رأيهم، قال صلى الله تعالى عليه وسلم «ما كان لنبى لبس لأمة الحرب أن يخلعها» وكذلك الأمر في كل أمر ينتهى بالشورى لا يصح أن يكون موضع تردد حسما للأمور وفضا للنزاع.
(ج) ومنها أنه يجوز للمجاهدين مجتمعين أن يأخذوا طريقهم، ولو في أرض مملوكة ملكا خاصا، كما اجتاز النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بجيشه بعض الحدائق، ولم يلتفت إلى اعتراض المعترضين، لأن الملك الخاص له حق الصيانة، إلا إذا ترتب على الحقوق الخاصة ضرر عام، فإذا لم يكن للجيش طريق إلا الملك الخاص، لم يمنع من سلوكه مهما يكن اعتراض صاحبه، ولذلك لم يلتفت النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى اعتراض الأعمى صاحب الحديقة، وقال إنه أعمى البصر والبصيرة.
(د) ومنها جواز أن يتمنى المجاهد في سبيل الله الشهادة من غير مواناة ولا استسلام بل في حزم وعزة وقوة. وتمنى الموت منهى عنه في غير هذا المقام كما قال عبد الله بن جحش عند ما تقدم للجهاد «اللهم لقنى من المشركين رجلا عظيما كفره، شديدا حرده، فأقاتله، فيقتلنى ويسلبنى ثم يجدع أنفى وأذنى، فإذا لقيتك فقلت: يا عبد الله بن جحش، فيم جدعت!! قلت: فيك يا رب» .
ويظهر أن ذلك الدعاء بعد أن رأى المشركين يمثلون بالقتلى.
(هـ) ومنها أن المسلم إذا قتل نفسه أثم، ودخل النار، ولو كان ذلك من جراح شديدة، وذلك أن مسلما اسمه قزمان أبلى يوم أحد بلاء شديدا حتى أثخن بالجراح، فلما اشتدت به نحر نفسه، فأثمه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، لأنه يئس من روح الله تعالى وبأنه: لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ (يوسف- ٨٧) .
(و) ومنها أن السنة في الشهداء ألا يغسلوا ولا يكفنوا في غير ثيابهم التى كانوا يجاهدون بها، بل يدفن فيه بدمه وكلومه إلا أن يسلبها فيكفن في غيرها.