قدم على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بعد غزوة أحد رهط من عضل والقارة، وهما بطنان من الهون بن خزيمة بن مدركة.
قالوا: يا رسول الله إن فينا إسلاما، فابعث معنا نفرا من أصحابك يفهموننا الدين، ويقرئوننا القرآن، ويعلموننا شرائع الإسلام. فبعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نفرا من أصحابه. قال ابن إسحاق بسنده أن عدتهم ستة، وقال البخارى بسنده في صحيحه أن عدتهم عشرة، وقال ابن إسحاق إن الذى أمره رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على وفد الإيمان والدعوة هو مرثد بن أبى مرثد الغنوى الذى كان أخا لحمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء في المؤاخاة التى آخى بها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار.
وفي رواية البخارى أن الذى أمره عليهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم هو عاصم بن ثابت ابن الأفلح «١» ، وأن رواة الحديث والأخبار يرجحون رواية البخارى.
ويؤيد رواية البخارى الواقدى.
انطلق ذلك الوفد المؤمن مغادر المدينة متجها إلى عضل والقارة دعاة هداية، وليسوا محاربين، وما كانوا يعلمون أن القوم يأتمرون في غدر وخيانة وكذب لم يعرف في أشراف العرب.
حتى إذا كان الرجيع بين عسفان ومكة المكرمة، وهو بالهذيل غدروا بهم ونادوا مستصرخين وفوجيء وفد الهداية إلى الإسلام برجال بأيديهم السيوف قد غشوهم.
وأرادوا أن يأخذوهم بالغش والخديعة كما استنفروهم بها. فقالوا لهم: إنا والله ما نريد قتلكم ولكن نريد أن نصيب شيئا من أهل مكة المكرمة. وربما كانوا صادقين، وإن ذلك من انخداع العرب بما زعمه المشركون من نصر نالوه، وقد قالوا في خديعتهم:«لكم علينا عهد وميثاق ألا نقتلكم» .
فترت بذلك عزيمة بعض المؤمنين بعد أن أخذوا سيوفهم ليقاتلوا ويموتوا مجاهدين، ولا يموتوا مستسلمين.
قال عاصم بن ثابت، ومرثد بن أبى مرثد، وخالد بن بكير من العشرة الكرام أو الستة على اختلاف العدد، لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا أبدا.