للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: بعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سبعين رجلا لحاجة يقال لهم القراء، فعرض لهم حيان من بنى سليم، رعل وذكوان عند بئر يقال له بئر معونة فقالوا: والله ما إياكم أردنا وإنما نحن مجتازون في حاجة للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فقتلوهم.

ويقول البخارى بروايته في أوصافهم وبيان أنهم طلبوا من النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يمدهم بمن يعلمهم وإن رعلا وذكوان وعصية وبنى سليم استمدوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على عدد فأمدهم بسبعين من الأنصار، كنا نسميهم القراء في زمانهم، كانوا يحتطبون بالنهار، ويصلون بالليل، حتى إذا كانوا ببئر معونة قتلوهم وغرروا بهم، فبلغ ذلك النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فقنت شهرا يدعو في الصباح على أحياء العرب من رعل وذكوان وعصية.

ولقد روى أنهم قالوا وقد عملت السيوف فيهم «بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضى عنا وأرضانا» كانوا يعلمون الناس الإسلام، وقد بعثهم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لذلك، ولذا نرجح أنهم ما كانوا مقاتلين، ولم يستمدوا على العدو، كما يفهم من الرواية الأولى للبخارى.

ولننظر من بعد ذلك إلى تفصيل الرحلة التى انتهت بالغدر المقيت عند الله وعند كل كريم.

ذهبوا كما أمرهم الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم هداة مرشدين كما طلب أبو البراء، وأرسل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم مع المنذر بن عمرو كتابا إلى عامر بن الطفيل يبين فيه أنهم مبلغون لا محاربون، ولكنه إبان ذاك كان عدوا للمؤمنين، فلم يرع جوار ولا ذمة صاحبه في الشرك أبى براء الذى ما زال بالنبى حتى أرسل من أرسل وكان كارها ابتداء، ولكنه التبليغ الذى حمله سهل إرسال هؤلاء، ولم يكن الغدر متوقعا.

ولذلك قتل من أعطاه الكتاب.

ولقد ذكر البخارى في أخبار عامر بن الطفيل، أنه حسب النبوة ملكا، فخير النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بين ثلاث خصال بثلاث يكون للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم أهل السهل، وله أهل المدر، أى يكون للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم الوبر في الصحراء، وله هو أهل القرى، أو أن يكون خليفة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، أو أن يغزو النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بغطفان.

كانت هذه حال عامر بن الطفيل إبان ذاك، وقد علم بالجوار.

ولم يكتف بذلك، بل استصرخ بنى عامر على أولئك المؤمنين، وقد علموا بجوار أبى البراء، فامتنعوا وقالوا: لن نخفر جوار أبى البراء وقد عقد لهم عقدا وجوارا.

<<  <  ج: ص:  >  >>