ويظهر أن الآيات الكريمات قد نزلت في وقت ذلك اللقاء بين المؤمنين والمشركين الذى كان فيه الحذر من الجانبين، وهذه الآيات تدل على أحكام شرعية.
أولها: قصر الصلاة الرباعية لأجل السفر أو الخوف ودل على ذلك قوله تعالى: وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ.
وثانيها: أنها ثبتت صلاة الخوف بها، وظاهرها الذى تدل عليه أنه يصلى ركعتين، وليحرم الجميع بالصلاة معه، ولكن تجيء طائفة منهم النبى بأسلحتها، ولتصل معهم ركعة، والطائفة الآخرى تحرس المصلين مع تسلح المصلين أنفسهم، فإذا أتم الركعة مع هذه الطائفة، تأتى الطائفة الآخرى، مع أسلحتها، ولتأخذ حذرها، ويصلى صلى الله تعالى عليه وسلم الركعة الثانية مع الطائفة الآخري، ويسلم صلى الله تعالى عليه وسلم عند كمال صلاته.
ومن بعد ذلك تصلى كل طائفة الركعة الباقية لها مع بقاء الآخرى حارسة، فالطائفة التى ابتدأت الصلاة مع النبى تكون ركعتها لاحقة لأنها الثانية، والطائفة الآخرى التى جاءت الأولى تصلى مسبوقة، لأن مافاتها هو الركعة الأولى.
ونلاحظ في صلاة الخوف:
أولا- أنها ركعتان، وروى أنها كانت الأربع في حال الخوف من غير سفر، وأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وكذلك كل إمام يقسم المسلمين فرقتين إحداهما تحرس، وقد أحرمت للصلاة، ويصلى بالآخرى- وإن ذلك يقتضى الحراسة الدائمة، مع عدم الانقطاع عن الصلاة.