وثانيا: أن الصلاة تكون بإمامة القائد، أو من يقوم مقامه ليكون الجمع بين الصلاة والإمامة أى تكون الصلاة جماعة.
وثالثا: أن ينتفع الجميع بفضل الجماعة فإن فضل الجماعة ينالها الملاحق، وهو الذى يقطع الصلاة بعد الدخول فيها، ثم يتمها، والمسبوق، وهو يتأخر دخوله فيها، ثم يعيد ما سبق به. وله فضل الجماعة.
وقد روى ابن هشام عدة روايات في صلاة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم في الخوف وقد تعددت هذه الصلاة في مواطن كثيرة، ولبها واحد.
فقد روى عن جابر بن عبد الله قال:«صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بطائفة ركعتين ثم سلم، وطائفة مقبلون على العدو، جاؤا فصلى بهم ركعتين أخريين» .
والآية تنطبق على هذه الرواية ولا تخرج عما قلنا، بيد أن الرواية تدل على أن النبى صلى بهم أربعا، وكل صلى ما فاته. وروى عن جابر أيضا قال: صلى بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فركع بنا جميعا، ثم سجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وسجد معه الصف الأوّل فلما رفعوا سجد الذين يلونهم بأنفسهم، ثم تأخر الصف الأوّل، وتقدم الصف الثانى حتى قاموا مقامهم، ثم ركع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بهم جميعا، ثم سجد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وسجد الذين يلونه معه، فلما رفعوا رؤوسهم سجد الآخرون بأنفسهم فركع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بهم جميعا، وسجد كل واحد منهم بأنفسهم سجدتين.
وإننا نرى في عبارة هذه الرواية اضطرابا، ولا نرى أن الآية تنطبق عليها، والأولى أحق بالأخذ، وعليها الفقهاء الأربعة.
وتدل الآيات السابقة على أن الصلاة لا تسقط في سفر أو حضر، ولا أمن ولا خوف.
وأنها في الخوف والسفر قد تقصر، أو تكون بالإيماء، ولكن لا تسقط، لأنها ذكر الله، ويجب أن يكون العبد قائما به في كل حال، ولو على الجنوب.
وإنه إذا كان الأمن والاطمئنان يجب أن تقام الصلاة كاملة مقومة على وجهها بركوعها وسجودها. والائتمام الكامل والجماعة الكاملة كما قال تعالى: فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ، إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً (النساء- ١٠٣) أى معينا في مواقيته، لا يجوز التخلف عنها في أى حال، ولا عذر في تركها، لأنها مخاطبة العبد لربه، وذلك هو الدين القيم.