للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ذكر ابن إسحاق وغيره من الرواة أنه قد حدثت خوارق كثيرة على يدى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم في تلك الشدة التى اشترك فيها كل أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم. وهو على رأسهم.

قال ابن إسحاق: وكان في حفر الخندق أحاديث بلغتنى فيها من الله عبرة في تصديق رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وتحقيق نبوته، عاين ذلك المسلمون.

منها- معجزة الكدية (وهى صخرة شديدة صلبة) فكان مما بلغنى أن جابر بن عبد الله كان يحدث أنه اشتدت عليهم في بعض الخندق كدية، فشكوها إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأتى بإناء من ماء فتفل فيه ثم دعا بما شاء الله تعالى أن يدعو به، ثم نضح ذلك الماء على تلك الكدية فو الذى بعثه بالحق نبيا لا نهالت حتى عادت كالكثيب» .

هذا كلام ابن إسحاق: وقد رويت مسألة الكدية بروايات أخرى، ذكر الثانية ابن إسحاق كما ذكر الأولي، وقد ذكرت الثانية في كتب السنة الصحاح الآخرى.

قال ابن إسحاق في الرواية الآخرى، وحدث عن سلمان الفارسى أنه قال ضربت في ناحية من الخندق، فغلظت على صخرة، ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قريب مني، فلما رآني أضرب، ورأى شدة المكان عليّ فأخذ المعول من يدي، فضرب ضربة لمعت تحت المعول برقة ثم ضرب به أخرى فلمعت تحته برقة أخرى، ثم ضرب به الثالثة، فلمعت تحته برقة أخرى. قلت (أى سلمان) بأبى أنت وأمى ما هذا الذى رأيت لمع تحت المعول وأنت تضرب؟ قال: أوقد رأيت ذلك يا سلمان، قلت نعم، قال: أما الأولى فإنه قد فتح علينا اليمن، وأما الثانية فإنه قد فتح علينا الشام والمغرب، وأما الثالثة فإن الله تعالى قد فتح علينا بها المشرق.

هذه رواية تخالف الآخري، ولا مانع من أن يكون الأمران قد وقعا، وخصوصا أن الأولى رواها جابر والثانية رواها سلمان الفارسي، ولكل رواية واقعة، وفي كل واحدة منهما خارق للعادة، ففى الأولى كانت نضحة الماء الذى فيه تفل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قد أذابت الصخر فجعلته ككثيب الرمال.

والخارق في الثانية أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قد أجرى الله تعالى على يديه ما كشف له به أنه سيفتح الله تعالى أمة اليمن وما وراءها والشام وما وراءها إلى المغرب، والمشرق، وهو يمتد إلى الهند والصين.

<<  <  ج: ص:  >  >>