للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً. وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً. مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا. لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً. وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً، وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً.

وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ، وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً. وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها، وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (الأحزاب- ٩: ٢٧) .

هذا أدق وصف لحال النفوس في ذلك الهول، فهل وهنت إرادة النبي صلي الله تعالى عليه وسلم أوضعفت عزيمته، بل كان يؤمن بنصر الله تعالى ويدبر الأمور، ويأخذ الأهبة بعزم الرسول، وهو من أولي العزم من الرسل، فضرب المثل لمن معه من المؤمنين.

٤٦٤- تقدم للميدان بثلاثة آلاف من المقاتلين، وأمر بالذراري والنساء أن تكون في أطم، أي مبان متينة تكون كالحصون لكيلا يكونوا تحت عين بني قريظة، ولكيلا يكون المجاهدون في فزع علي نسائهم وذريتهم ولكيلا يصيبوا منهم غرة.

وإن النبي صلي الله تعالى عليه وسلم وضع حراسة علي المدينة خشية أن ينقضوا عليها، فأقام سلمة بن أسلم علي مائة من الرجال، وأقام زيد بن حارثة علي ثلاثمائة أخري لحراسة المؤمنين من اليهود.

وذلك كله حذرا من المشركين، وكان لا بد من اتخاذ المكيدة، والحرب مكيدة وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (الأنفال- ٣٠) . فأراد عليه الصلاة والسلام أن يخذل المشركين بعضهم عن بعض بإثارة الطمع في بعضهم، فيتخلون عن باقيهم، فأراد أن يطمع غطفان ومن معها من نجد، فأرسل إلي عيينة بن حصن وإلي الحارث بن عوف بن أبي حارثة من قوادهم، فطلب إليهما المصالحة علي أن يأخذوا ثلث ثمار المدينة، فقبلوا ذلك طمعا منهم، وأن يعودوا، وكتبوا الكتاب من جانبهم ولم يكن من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم شهادة ولا عزيمة صلح، لأنه لا يمكنه أن يعزم ذلك من غير مشورة أهل الثمار، فلما عرض عليهم من بعد أن جاء الكتاب، وكان ذلك العرض أن بعث إلى سعد بن معاذ سيد الأوس وسعد بن عبادة سيد الخزرج، فذكر لهما ذلك، واستشارهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>