حجة الوداع، ولولا تضافر الأخبار بأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قد أذن بها لقلنا أن ذلك التكرار كان لتأكيد المنع، إذ كانت عادة عميقة فى الجاهلية، فكان التأكيد لقلع جذورها من نفوسهم. ولكن تكاثرت الأخبار بالفعل قبل الإذن، فتقبل الأمرين الإذن من غير إباحة مطلقة، بل بضرورة الفردية الشديدة فى الحرب، والأمر الثانى النهى القاطع فى تحريمها إلى يوم القيامة. ويصح أن نقول أن النهى فى أوله كان لمن أذن له قبله. والنهى من بعد ذلك كان نهيا ناسخا إلى يوم القيامة.
وفوق ذلك بيان التحريم القاطع فى القرآن الكريم الذى لا إذن فيه قط، وهو العزيمة التى لا رخصة فيها، ولا مظنة لرخصة قط.
٥٥٠- فلننظر بعد ذلك فى أمرها. لقد أجمع فقهاء السنة جميعا أنها محرمة تحريما أبديا إلى يوم القيامة، وقد روى أن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما كان يترخص فيها للضرورة فى حال الحرب، وهى التى قيل أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أذن بها لشدة العزوبة فى بعض حروبه، وإذ كان لم يعرف أنه أذن بذلك فى حرب معينة، ولقد نهاه على كرم الله وجهه عن أن يفتى بهذه الرخصة، وبين له أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قد نهى عنها، وقال مخاطبا ابن عباس:«إنك امرؤ تائه- لقد نسخها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم- ووالله لا أوتى بمستمتعين إلا رجمتهما» .
ويروى أن عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهما قد رجع عن ترخصه، وأفتى بالمنع.
ولم يقل أحد قط من علماء الجماعة أنها مباحة لضرورة الشباب الذين يتعذر عليهم الزواج، فتلك فرية من رجل لا يتحرج في قوله، ولا يتعمق في علم، ولا يهتم بحرام ولا حلال.
بقي أن ننظر في الشيعة الإمامية فنقول أننا نرى المتأخرين منهم يفتون بها، ولا نري الأئمة أو الأوصياء قالوها، وإن وجد من ادعاها لهم.
وتنقل لك المصادر الفقهية الشيعية التي تنفي عن أئمة الشيعة المهديين وعلي رأسهم الإمام أبو عبد الله جعفر الصادق، وأبوه العظيم أبو جعفر محمد الباقر بن علي زين العابدين.
فقد روي أن بساما الصير في سأل أبا عبد الله جعفر الصادق عن المتعة، فقال رضي الله تبارك وتعالى عنه: إنها الزنا.
ولقد جاء في الكافي عن يحيي بن زيد فقيه العراق أنه قال: أجمع آل رسول الله صلي الله تعالي عليه وسلم على كراهة المتعة والنهي عنها.