للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: هل علم هرقل بإسلام النجاشى. قلت: بلي، قال بأى شيء علمت ذلك؟ قلت:

كان النجاشى يخرج خرجا له، فلما أسلم وصدق بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم منعه وقال: والله لو سألنى درهما واحدا ما أعطيته، فبلغ هرقل قوله، فقال له أخوه (أى هرقل) : أتدع عبدك لا يخرج لك خرجا ويدين بدين غيرك، دينا محدثا.

قال هرقل: رجل رغب فى دين، فاختار لنفسه ماذا أصنع به، والله لولا الضن بملكى لصنعت كما صنع.

قال: انظر ما تقول يا عمرو. قال عمرو: والله صدقتك.

قال عبد: فأخبرنى ما الذى يأمر به وينهى عنه.

قلت: يأمر بطاعة الله عز وجل، وينهى عن معصيته، ويأمر بالبر، وصلة الرحم، وينهى عن الظلم والعدوان وعن الزنا، وعن الخمر، وعن عبادة الحجر والوثن والصليب.

قال: ما أحسن هذا الذى يدعو إليه، لو كان أخى يتابعنى عليه، ركبنا حتى نؤمن بمحمد ونصدق به ولكن أخى أضن بملكه من أن يدعه، ويصير ذنبا.

قلت: إنه إن أسلم ملكه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على قومه فأخذ الصدقة من غنيهم، فيردها على فقيرهم. فقال: إن هذا لخلق حسن. ما الصدقة، فأخبرته بما فرض رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فى الصدقات فى الأموال، حتى إلى الإبل، قال: وتؤخذ من سوائم مواشينا التى ترعى الشجر، وترد على المياه فقلت نعم. فقال: والله ما أرى قومى فى بعد دارهم، وكثرة عددهم يطيعون هذا.

وبعد هذه المناظرة والتحريات التى قام بها الأخ الأصغر، ودلت على ميله للدخول فى الإسلام اتجه عمرو بن العاص إلى مقابلة الأخ الأكبر، وهو الأمير على هذه الديار، ولنترك القول لعمرو فإنه حسن الحكاية لما حصل.

مكثت ببابه أياما، وهو يصل إلى أخيه فيخبره بكل خبرى، ثم إنه دعانى (أى الأمير وهو الأخ الأكبر) دعانى، فدخلت عليه، فأخذ أعوانه بضبعى، فقال: دعوه، فأرسلت فذهبت، فذهبت لأجلس، فأبوا أن يدعونى أجلس، فنظرت إليه فقال: تكلم، فدفعت إليه الكتاب مختوما ففض خاتمه وقرأه حتى انتهى إلى آخره، ثم دفعه إلى أخيه، فقرأه مثل قراءته، إلا أنى رأيت أخاه أرق منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>