فنادى منادى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، من خرج منهم، ودخل جيش المسلمين من العبيد، فهم أحرار.
فخرج نفر من العبيد، ونالوا حريتهم بحكم الشرع، وبحكم ذلك النداء المحمدى الحر الكريم، ولقد تعرف النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أحوالهم وعلم أن عندهم الزاد الذى يكفيهم سنة.
وأخذ عليه الصلاة والسلام يعمل على أن يخرجوا من الحصون مختارين فأمر بالنخيل أن يقطع، وبالكرم أن تجتث- فرأوا أن ذلك ضياع لثروتهم، وقالوا ما يكون لنا إن قطعت كرومنا ونخلنا، وقال مناد من بنى ثقيف قد بعثوه يقول، لا تفسدوا الأموال، فإنها لنا أو لكم.
هز ذلك نفوسهم، وأضعف عزيمتهم، وخصوصا أن عبيدهم أخذوا يتركونهم، وكان العبد الذى ينال الحرية يدفعه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى بعض المسلمين يعولونه، حتى ينال خيرا فى حريته، واستمروا يقاومون مع ضعضعة نفوسهم والمسلمين ينالون من حصونهم، حتى إنهم ليحمون الحديد، يرمونه على الدبابات الخشبية، ليحرقوها، ويخرجوا الرجال من تحتها.
وقد كان بين الطائف وقريش رحم ومصاهرة.
ولذلك تقدم ناس من قريش لثقيف يمنعونهم من المطاولة، فالنتيجة ليست لهم، وإن العاقبة للمتقين.
تقدم أبو سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة يطالبون ثقيفا بأن تؤمنهم ليتمكنوا من كلامهم، وقد لانت شكيمة ثقيف، وقبلت التفاهم، فأمنوهما، تقدم أبو سفيان والمغيرة ودعوا نساء من نساء قريش وكنانة ليخرجن إليهما، ولكنهما لم يجبن خشية السبى كما كان لنساء هوازن، منهن آمنة بنت أبى سفيان.
فلما أبين عليهما قال لهما الأسود بن مسعود يا أبا سفيان ويا مغيرة ألا أدلكما على خير مما جئتما له، وكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نازلا بواد يقال له العقيق، قال ابن مسعود هذا: إنه ليس بالطائف مال أبعد رشاء، ولا أشد مؤنة، ولا أبعد عمارة من مال بنى الأسود، وإن محمدا إن قطعه لم يعمر أبدا، فكلماه، فليأخذه لنفسه، أو ليدعنه لله وللرحم فإن بيننا وبينه من القرابة، ما لا يجهل.
لأن القوم، وثقيف لا يلينون إلا إذا أرادوا أن يباعدوا بينهم العنف، ويريدوا السلم، ولقد وجدوا أن الحصار عضهم، وإن كانت لديهم المؤن والذخائر، فهو حبس كيفما كانت صورته، وأن جيش النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أخذ أموالهم من النخيل والكروم، ويأتى حصونهم من قواعدها وهم لا قبل