وسلم: فما رأيت؟ قال: لم أرك عدلت- فغضب النبى صلى الله عليه وسلم ولكنها غضبة الرفيق الحكيم، فقال: ويحك إذا لم يكن العدل عندى، فعند من يكون؟.
فقال عمر بن الخطاب: ألا نقتله؟ فقال الهادى الأمين صلى الله تعالى عليه وسلم: دعوه فإنه سيكون له شيعة، يتعسفون فى الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية.
وإن قائل هذا القول لا يمكن أن يكون مؤمنا، كما يبدو من لحن قوله فهو يقول فى ندائه للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله: يا محمد، ولم يقل يا رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكذلك قال قوله واحد مثله، فقد رأى بلالا فى ثوبه مال يوزعه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فقال اعدل يا محمد فقال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم «ويلك من يعدل إذا لم أكن أعدل، لقد خبت وخسرت إذا لم أكن أعدل» .
فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، أفأقتل هذا الرجل؟
فقال الرسول الحكيم صلى الله تعالى عليه وسلم «معاذ الله أن يتحدث الناس أنى أقتل أصحابى، إن هذا وأصحابه يقرأون القرآن الكريم لا يتجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين، كما يمرق السهم من الرمية» .
ولقد بلغه أن بعض الناس عندما أعطى رسول الله المؤلفة قلوبهم قال: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله تعالى، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، قال:«رحم الله تعالى موسى، لقد أوذى بأكثر من ذلك» وهذه إشارة إلى قول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا، وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً.
وأن هؤلاء أساس كلامهم، وإن كنت أحسب أنهم جميعا لم يدخل الإيمان قلوبهم، وهم من الأعراب الذين قال الله فيهم: الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً، وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ (التوبة: ٩٧) .
لقد فهموا خطأ طواعية لأهوائهم ومطامعهم، أن كل من حضر القتال له حق فيها يساوى غيره ممن حضروا، وظنوا أن هذه المساواة عادلة، وأخطأوا إذ أن المساواة قد تكون ظلما، فالمساواة بين العامل المجاهد، ومن وقف ينتظر النتيجة تكون لأى الفريقين تكون ظلما.
وفهموا خطأ أن الذين يحضرون الحرب فى الغنيمة لهم حقوق، وأن من يحول بينهم وبين ما زعموه حقا لهم يكون قد ظلمهم، وتلك أوهام قد أوجدتها المطالع، وهى باطلة، إن النبى صلى الله تعالى