فإن كانت فى نفسك حاجة، فسر إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم تائبا، فإنه لا يقتل أحدا جاء إليه تائبا، وإن أنت لم تفعل، فانج إلى نجاتك من الأرض.
وكان قد قال قصيدة فيها ذم للإسلام، وقد أسلم أخوه، وأرسل إليه الكتاب المذكور آنفا.
ولما بلغ زهيرا هذا الكتاب ضاقت به الأرض، وأشفق على نفسه من قصيدته، ويقول ابن إسحاق أرجف به من كان فى حاضره من عدوه وقالوا هو مقتول، أى أنهم أرادوا أن يحذروه إيفاده على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ولذا قال قصيدته التى يمدح فيها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وذكر فيها خوفه، وإرجاف الوشاة من عدوه.
ولقد خرج وقدم المدينة المنورة فنزل على رجل كان يعرفه فغدا به إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ثم أشار به إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال: هذا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فقم إليه فاستأمنه.
فقام إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حتى جلس إليه، ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لا يعرفه، فقال: يا رسول الله إن كعب بن زهير جاء يستأمن منك تائبا مسلما، فهل أنت قابل منه، إن أنا جئتك به، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: نعم- فقال يا رسول الله أنا كعب بن زهير، وكان فى المجلس بعض الأنصار، فوثب عليه رجل منهم، فقال: يا رسول الله دعنى وعدو الله أضرب عنقه.
فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم:«دعه عنك، فإنه قد جاء تائبا، نازعا مما كان عليه» وغضب كعب على الحى من الأنصار كما يقال، وما يضر غضبه على هؤلاء الذين آووا ونصروا ولم يقل فيه أحد من المهاجرين إلا خيرا.
ولقد مدح رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بقصيدة هزت أعطاف رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكان كريما يقبل طيب القول.
ولقد روى أنه قال إن من الشعر لحكمة، ولننشد أبياتا منها، لكرم موضوعها.
يقول فى مطلعها:
بانت سعاد فقلبى اليوم متبول ... متيم إثرها لم يفد مكبول
وبعد أن يذكر سعاد وهى كما قيل زوجته، وغربته عنها، يقول متجها إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.