ولذلك أسرع أولئك الملثمون المتامرون إلى الاندماج فى وسط الناس فى بطن الوادى وأبطل الله تعالى كيدهم.
بعد ذلك رجع حذيفة إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فلما أدركه، قال له الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم: اضرب الراحلة يا حذيفة، وامش يا عمار، فأسرعوا حتى استووا بأعلاها، ثم بعد ذلك خرجوا من العقبة. وهم ينتظرون الناس.
قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لحذيفة وهو الذى كان يسوق الناقة اذهب، وأرسله النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فذهب إليهم ومن معهم، وتبين به أنه انكشف أمرهم- قال الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم له: هل عرفت من هؤلاء الركب أحدا؟
قال حذيفة عرفت راحلة فلان، وفلان، وكانت ظلمة الليل، قد غشيتهم وهم ملثمون.
قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: هل علمتهم ما كان شأن الركب وما أرادوا.
قال: لا يا رسول الله، قال فإنهم مكروا ليسيروا ورائى، حتى إذا طلعت إلى العقبة طرحونى منها.
قال: إذن نضرب أعناقهم. قال: أكره أن يتحدث الناس، أن يقولوا: إن محمدا قد وضع يده فى أصحابه (أى بالقتل) .
ويقول ابن إسحاق فى هذه القصة عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: إن الله قد أخبرنى بأسمائهم، وأسماء آبائهم، وسأخبر بهم إن شاء الله تعالى عند وجه الصبح، فانطلق (والخطاب لحذيفة) حتى إذا أصبحت فاجمعهم، قالوا: إنه صلى الله تعالى عليه وسلم أخبره وفى ذلك كلام بين الرواة.
ومهما يكن فإن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أوصى حذيفة بألا يذكر أسماءهم، وهم منافقون، وقيل: كان حذيفة عنده العلم بأسماء المنافقين، وكان هذا سر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أسره إليه. حتى قيل: إنه إذا مات أحد بعد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم تعرفوا حال حذيفة معه، فإن رأوا حذيفة صلى عليه علموه مؤمنا غير منافق، وإن لم يصل عليه كانوا فى ريب من أمره.