فأما قول الأوزاعى: فإن لم يقدروا صلوا ركع وسجدتين، فقد روى مثله عن الحسن البصرى وقتادة، وهو قول مكحول، ويحتمل أن يقولوا ذلك من حديث أبى عوانة، عن بكير بن الأخنس، عن مجاهد، عن ابن عباس قال:(صلاة الخوف ركعة) . قال الطحاوى: وهذا الحديث يعارضه القرآن، وذلك أن الله، تعالى، قال فى كتابه:(وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة (إلى) فليصلوا معك) [النساء: ١٠٢] ، ففرض الله صلاة الخوف ونص فرضها فى كتابه هكذا، وجعل صلاة الطائفة الأخرى بعد تمام الركعة الأولى مع الإمام، فثبت بهذا أن الإمام يصليها فى حال الخوف ركعتين بخلاف هذا الحديث، وقد روى عبيد الله عن ابن عباس خلاف ما روى عنه مجاهد، وهذا الحديث الذى فى الباب قبل هذا، وأما التكبير فقد روى عن مجاهد أنه قال: صلاة المسايفة بتكبيرة واحدة. وعن سعيد بن جبير، وأبى عبد الرحمن قال: الصلاة عند المسايفة تهليل وتسبيح وتحميد وتكبير، ذكره الفزارى فى السير، وذكر ابن المنذر عن إسحاق: تجزئك ركعة تومئ بها، فإن لم تقدر فسجدة واحدة، فإن لم تقدر فتكبيرة واحدة؛ لأنه ذكر لله. وقال الحسن بن حى: يكبر مكان كل ركعة تكبيرة. وأما أئمة الفتوى بالأمصار فلا يجزئ عندهم التكبير من الركوع والسجود؛ لأن التكبير لا يسمى بركوع ولا سجود، وإنما يجزئ الإتيان بأيسرهما، وأقل الأفعال الثابتة عنهما الإشارة والإيماء الدال على الخضوع لله فيهما.