والثورى، وأبو حنيفة، والشافعى، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، كلهم احتج بحديث عائشة أن تقليد الهدى لا يوجب الإحرام على من لم يَنْوِهِ، وَرَدُّوا قول ابن عباس، فإنه كان يرى أن من بعث بهدى إلى الكعبة، لزمه إذا قلده: الإحرام، وتجنُّب كل ما يتجنب الحاج حتى ينحر هديه، وتابع ابن عباس على ذلك ابن عمر، وبه قال عطاء، وهم محجوجون بالسنة الثابتة فى حديث عائشة، وليس أحد بحجة على السنة. قال الطحاوى: وقد رأى ربيعة بن الهدير رجلا متجردًا بالعراق، فسأل الناس عنه، فقالوا: أمر بهديه أن يقلد، فلذلك تجرد، فذكر ذلك لابن الزبير، فقال: بدعة ورب الكعبة. فلا يجوز أن يكون ابن الزبير حلف على ذلك أنه بدعة إلا وقد علم أن السنة خلاف ذلك.
/ ١٤٨ - فيه: حَفْصَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ؟ قَالَ:(إِنِّى لَبَّدْتُ رَأْسِى، وَقَلَّدْتُ هَدْيِى، فَلا أَحِلُّ حَتَّى أَحِلَّ مِنَ الْحَجِّ) . / ١٤٩ - وفيه: عَائِشَةَ، كَانَ النَّبِىّ، عليه السَّلام، يُهْدِى مِنَ الْمَدِينَةِ، فَأَفْتِلُ قَلائِدَ هَدْيِهِ، ثُمَّ لا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ. فيه من الفقه: أيما عمل لله من الأعمال فإنه يجب إتقانها وتحسينها؛ ألا ترى عائشة لم تقنع فى القلائد إلا بفتلها وإحكامها. وأجمع العلماء على تقليد الهدى، والتقليد إنما هو علامة للهدى، كأنه إشهاد أنه أخرجه من ملكه لله تعالى وليعلم الناس الذين يبتغون أكله فيشهدون نَحْره، وفيه عمل أزواج النبى عليه السلام