من هذه الوجه فهو على الإباحة حتى نعلم تحريمه بيقين، كالرجل تكون له الزوجة فيشك فى طلاقها، أو يكون له جارية فيشك فى وقوع العتق عليها، فالأصل فى هذا حديث عبد الله بن زيد أن من شك بالحدث بعد أن أيقن بالطهارة فهو على يقين طهارته؛ لقوله عليه السلام:(فلا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا) . والوجه الثالث: أن يُشكل الشىء فلا يدرى أحرام هو أو حرام، ويحتمل الأمرين جميعًا ولا دلالة على أحد المعنيين، فالأحسن التنزه عنه كما فعل النبى (صلى الله عليه وسلم) فى التمرة الساقطة.
٤ - باب مَا يُتَنَزَّهُ عَنْهُ مِنَ الشُّبُهَاتِ
/ ٨ - فيه: أَنَس، مَرَّ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) بِتَمْرَةٍ مَسْقُوطَةٍ، فَقَالَ:(لَوْلا أَنْ تَكُونَ مِنْ صَدَقَةٍ لأكَلْتُهَا) . وقال أبو هريرة عن النبى (صلى الله عليه وسلم) : (أجد تمرة ساقطة على فراشى) . قال المهلب: إنما ترك النبى (صلى الله عليه وسلم) أكل التمرة تنزهًا عنها؛ لجواز أن تكون من تمر الصدقة، وليس على أحد بواجب أن يتبع الجوازات؛ لأن الأشياء مباحة حتى يقوم حتى يقوم الدليل على التحظير، فالتنزه عن الشبهات لا يكون إلا فيما أشكل أمره ولم يدر أحلال هو أو حرام واحتمل المعنيين، ولا دليل على أحدهما، ولا يجوز أن يحكم على أحد من مثل ذلك أنه أخذ حرامًا؛ لاحتمال أن يكون حلالا، غير أنا نستحب من باب الورع أن نقتدى برسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيما فعل فى التمرة، وقد قال عليه السلام لوابصة بن معبد حين سأله عن الِبرَ والإثم فقال: