الأمة مجمعة على أن قول لا إله إلا الله هو صريح الإيمان والتصديق الذى شبه بالذرة عمل القلب أيضًا. وقال غير المهلب: ويحتمل أن تكون الذرة والشعيرة والبُّرة التى فى القلب كلها من التصديق، لأن قول: تمت لا إله إلا الله - باللسان لا يتم إلا بتصديق القلب. والناس يتفاضلون فى التصديق على قدر علمهم وجهلهم، فمن قَلَّ علمه كان تصديقه مقدار ذرة، والذى فوقه فى العلم تصديقه بمقدار بُرة وشعيرة. إلا أن التصديق الحاصل فى قلب كل واحد من هؤلاء فى أول مرة لا يجوز عليه النقصان، ويجوز عليه الزيادة بزيادة العلم والمعاينة. فأما زيادة التصديق بزيادة العلم، فقوله تعالى عند نزول السورة:(أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا)[التوبة: ٢٤] فهذه زيادة العلم. وأما زيادة التصديق بالمعاينة، فقول إبراهيم إذ طلب المعاينة، قال له ربه:(أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى)[البقرة: ٢٦٠] ، فطلب الطمأنينة بالمعاينة، وهى زيادة فى اليقين، وقد قال تعالى:(ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ)[التكاثر: ٧] ، فجعل له مزية على علم اليقين، وبالله التوفيق.