فى الأمر المستنكر. قال ابن المنذر: وقد احتج من كره ذلك بحديث أم عطية. قال المؤلف: واحتج به من أجاز ذلك أيضًا. وقال المهلب: هذا الحديث يدل على أن النهى من النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، على درجات، فيه نهى تحريم، ونهى تنزيه، ونهى كراهية، وإنما قالت أم عطية:(ولم يعزم علينا) لأنها فهمت من النبى (صلى الله عليه وسلم) أن ذلك النهى إنما أراد به ترك ما كانت الجاهلية تقوله من الهجر وزور الكلام وقبيحه، ونسبة الأفعال إلى الدهر، فهى إذا تركت ذلك وبدلت منه الدعاء والترحم عليه كان خفيفًا، فهذا يدل أن الأوامر تحتاج إلى معرفة تلقى الصحابة لها، وينظر كيف تلقوها.
- بَاب إِحْدَادِ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا
/ ٢٩ - فيه: أمّ عَطِيَّة، تُوُفِّيَ ابْن لها، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ، دَعَتْ بِصُفْرَةٍ، فَتَمَسَّحَتْ بِهِ، وَقَالَتْ: نُهِينَا أَنْ نُحِدَّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثٍ إِلا بِزَوْجٍ. / ٣٠ - وفيه: زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِى سَلَمَةَ، قَالَتْ: لَمَّا جَاءَ نَعْىُ أَبِى سُفْيَانَ مِنَ الشَّأْمِ، دَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِصُفْرَةٍ، فَمَسَحَتْ بعَارِضَيْهَا وَذِرَاعَيْهَا، وَقَالَتْ: إِنِّى كُنْتُ عَنْ هَذَا لَغَنِيَّةً، لَوْلا أَنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ، (صلى الله عليه وسلم) ، يَقُولُ:(لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ، إِلا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) . الإحداد: ترك المرأة الزينة كلها من اللباس والطيب والحلى والكحل، وكل ما كان من دواعى الجماع، يقال: امرأة حادّ ومحدّ. وأباح النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، أن تحد المرأة على غير زوجها من ذوى محارمها ثلاثة أيام، لما يغلب من لوعة الحزن، ويهجم من أليم الوجد، ولم يوجب ذلك عليها، وهذا مذهب الفقهاء، وحرم عليها من الإحداد ما فوق ذلك.