قَالَ: تمت إِذَا وُسِّدَ الأمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ -. قال المهلب: فيه: أن من أدب المتعلم ألا يسأل العالم ما دام مشتغلا بحديث أو غيره، لأن من حق القوم الذين بدأ بحديثهم ألا يقطعه عنهم حتى يتمه. وفيه: الرفق بالمتعلم، وإن جفا فى سؤاله أو جهل، لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) لم يوبخه على سؤاله قبل كمال حديثه. وفيه: وجوب تعليم السائل والمتعلم، لقوله النبى (صلى الله عليه وسلم) : تمت أين السائل؟ - ثم أخبره عن الذى سأله عنه. وفيه: مراجعة العالم إذا لم يفهم السائل، لقوله: كيف إضاعتها؟ . وفيه: جواز استماع العالم فى الجواب وأن ينتقى منه إذا كان ذلك لمعنى. وقوله: تمت إذا وسد الأمر إلى غير أهله - معناه أن الأئمة قد ائتمنهم الله على عباده، وفرض عليهم النصيحة لهم، لقوله، (صلى الله عليه وسلم) : تمت كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته -، فينبغى لهم تولية أهل الدين والأمانة للنظر فى أمر الأمة، فإذا قلدوا غير أهل الدين، واستعملوا من يعينهم على الجور والظلم فقد ضيعوا الأمانة التى فرض الله عليهم. وقد جاء عن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، أنه قال: تمت لا تقوم الساعة حتى يؤتمن الخائن ويستخون الأمين، وهذا إنما يكون إذا غلب الجهل، وضعف أهل الحق عن القيام به ونصرته -.
٣ - باب مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْعِلْمِ
/ ٢ - فيه: عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا الرَسُولُ (صلى الله عليه وسلم) فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلاةُ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: تمت وَيْلٌ لِلأعْقَابِ مِنَ النَّارِ -. مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا. وهذا حجة فى جواز رفع الصوت فى المناظرة فى العلم وذكر ابن عيينة قال: مررت بأبى حنيفة وهو مع أصحابه، وقد ارتفعت أصواتهم بالعلم.