فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِعَرَقٍ، وهو مِكْتَلُ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ:(اذْهَبْ بِهَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ) ، قَالَ: مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَحْوَجُ مِنَّا، قَالَ:(اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ) . القبض فى الهبة هو غاية القبول، فلا يحتاج القابض أن يقول: قبلت، وهو قد قبضها، وعلى هذا جماعة العلماء، ألا ترى إلى الواقع على أهله فى رمضان قبض من النبى (صلى الله عليه وسلم) المكتل من التمر، ولم يقل: قبلته، إذ كان مستغنيًا عن ذلك بحصوله عنده، ومثل هذا المعنى فى حديث جابر حين اشترى منه النبى (صلى الله عليه وسلم) الجمل، فلما دفع إليه الثمن، قال: الثمن والجمل لك، ولم يقل جابر: قد قبلته يا رسول الله، فدل ذلك على أن الهبة تتم بإعطاء الواهب وقبض الموهوب له دون قوله باللسان: قد قبلت، وأما إذا قال: قبلت، ولم يقبض، فتعود المسألة إلى ما تقدم من اختلافهم فى قبض الهبة فى الباب قبل هذا.
- بَاب إِذَا وَهَبَ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ
وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ: هُوَ جَائِزٌ، وَوَهَبَ الحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ لِرَجُلٍ دَيْنَهُ، وَقَالَ النَّبىُّ (صلى الله عليه وسلم) : (مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ فَلْيُعْطِهِ، أَوْ لِيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ) ، وَقَالَ جَابِرٌ: قُتِلَ أَبِى وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَسَأَلَ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) غُرَمَاءَهُ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِى وَيُحَلِّلُوا أَبِى. / ٣٢ - وذكر حديث جابر هذا.