/ ٨١ - فيه: ابْن مَسْعُود، قَسَمَ النَّبِىّ (صلى الله عليه وسلم) قِسْمَةً، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ: وَاللَّهِ مَا أَرَادَ مُحَمَّدٌ بِهَذَا وَجْهَ اللَّهِ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فَأَخْبَرْتُهُ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ، وَقَالَ:(رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى، لَقَدْ أُوذِىَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ) . قال المؤلف: فى هذا الحديث من الفقه أنه يجوز للرجل أن يخبر أهل الفضل والستر من إخوانه بما يقال فيهم مما لايليق بعم ليعرفهم بذلك من يؤذيهم من الناس وينقصهم، ولا حرج عليه فى مقابلته بذلك وتبليغه له. وليس ذلك من باب النميمة؛ لأن ابن مسعود حين أخبر النبى عليه السلام يقول الأنصارى فيه وتجويره له فى القسمة، لم يقل له: أتيت بما لايجوز، ونمت الأنصارى والنميمة حرام، بل رضى ذلك عليه السلام وجاوبه عليه بقوله (يرحم الله موسى، لقد أوذى بأكثر من هذا فصبر) وإنما جاز لابن مسعود نقل ذلك إلى النبى عليه السلام لأن الأنصارى فى تجويره للنبى - عليه السلام - استباح إثمًا عظيمًا وركب جرمًا جسيمًا، فلم يكن لحديثه حرمة، ولم يكن نقله من باب النميمة. وقد قال مالك - رحمه الله - فى الرجل يمر بالرجل يقذف غائبًا: فليشهد عليه إن كان معه غيره. وقال فى قوم سمعوا رجلا يقذف رجلا فرفعوا إلى الإمام: فلا ينبغى أن يحده حتى يجىء الطالبب، ولو كان هذا نميمة لم تجز الشهادة؛ لأن النميمة كبيرة، والكبائر تسقط الشهادات. وفى تمعرّ وجه النبى عليه السلام حين أخبر بقوله الأنصارى من الفقه أن أهل الفضل والخير قد يعزّ عليهم مايقال فيهم من الباطل،