من لم يجز شهادته فقال: إن العقود والإقرارات لا تجوز الشهادة عليها بالاستفاضة، فكذلك لا تجوز شهادة الأعمى؛ لأنه لا يتيقن أن هذا صوت فلان لجواز شبهه بصوت غيره، كالخط لا يجوز أن يشهد عليه حتى يذكر أنه شاهد فيه، وإنما كان ذلك لأن الخط يشبه الخط. قالوا: وهذه دلالة لا انفصال عنها. قال ابن القصار: فالجواب أن العقود والإقرارات مفتقرة إلى السماع ولا تفتقر إلى المعاينة بخلاف الأفعال التى تفتقر إلى المعاينة، والدليل على ذلك قوله تعالى:(واختلاف ألسنتكم وألوانكم)[الروم: ٢٢] ، فجعل من الدلائل على محكم صنعته ووحدانيته اختلاف الألسنة والألوان، ثم وجدنا الخلق قد يتشابه كما تتشابه الأصوات، فلما تقرر أنه إذا شهد على عين جاز، وإن جاز أن تشبه عينًا أخرى، كذلك يشهد على الصوت وإن جاز أن يشبه صوتًا آخر. وقد رجع مالك عن الشهادة على الخط؛ لأن الخطوط كثيرة الشبه وليست الأصوات والخلق كذلك، ألا ترى أنه تعالى ذكر اختلاف الألسنة والألوان ولم يذكر الخطوط. قال ابن القابسى: قد روى الاثنان الحكم بشهادة الخط منهم ابن القاسم وابن وهب واستمر عليه العمل.